لم يكتفوا بالمعمر المغربي، فاختلقوا المعمر المشرقي!!

الأحد 24 ديسمبر 2017 - 13:38 بتوقيت مكة
لم يكتفوا بالمعمر المغربي، فاختلقوا المعمر المشرقي!!

ويبدو أنّ العقل الخيالي الذي ابتكر أو وثق بقصة المعمر المغربي قد تلقى بالقبول فكرة معمر آخر تمّ استيلاده بطريقة أشد غرابة من صاحبه المعمر المغربي، وهذا المعمر هو المعمر المشرقي...

الشيخ حسين الخشن

ويبدو أنّ العقل الخيالي الذي ابتكر أو وثق بقصة المعمر المغربي قد تلقى بالقبول فكرة معمر آخر تمّ استيلاده بطريقة أشد غرابة من صاحبه المعمر المغربي، وهذا المعمر هو المعمر المشرقي، وهو على ما تقول القصة يعيش في سهرورد، وثمّة شبه كبير بينه وبين المعمر المغربي، من حيث اللقاء

بأمير المؤمنين (ع)، ومن حيث العمر الطويل الذي سيمتد إلى زمن الإمام المهدي (ع)، ليكون المعمران من جنوده عجل الله له الفرج.

قال الكراجكي: "وقد ذاع بين كثير من الخصوم ما يروى ويقال اليوم من حال المعمر (أبي الدنيا المغربي) المعروف بالأشبح (الأشج) وأنه باق من عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إلى الآن وأنه مقيم من ديار المغرب في أرض طنجة ورؤية الناس له في هذه الديار، وقد عبر متوجهاً

إلى الحج والزيارة وروايتهم عنه حديثه وقصته وأحاديث سمعها من أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه وقوله إنه كان ركابياً بين يديه. ورواية الشيعة أنه يبقى إلى أن يظهر صاحب الزمان صلى الله عليه وآله وكذلك حال المعمر (الآخر) المشرقي ووجوده بمدينة من أرض المشرق يقال لها سهرورد إلى الآن، ورأينا جماعة رأوه وحدثوا حديثه وأنه أيضاً كان خادماً لأمير المؤمنين صلوات الله عليه، والشيعة تقول: إنّهما يجتمعان عند ظهور الإمام المهدي عليه وعلى آبائه أفضل السلام."(كنز الفوائد للكراجكي ص 262(

وتعليقنا على ما ذكره الكراجكي حول قصّة المعمر المشرقي نقول:

أولاً: إنّ الجماعة الذين حدثوا الكراجكي بحديث المعمر المشرقي غير معروفين ولم يذكر لنا أسماءهم فلا تحرز وثاقتهم، ولا ندري كيف وثق بحديثهم؟! وما هي الأمارات التي أوجبت الركون إلى قولهم؟!

ثانياً: لم يعثر على خبر هذا المعمر في المصادر، ولم يذكر اسمه، والحال أنّه لو كان موجوداً لاشتهر وبان وسارت بخبره الركبان وتوترات الأخبار بنقل قصته، ولا سيما أنه من أصحاب أمير المؤمنين (ع).

ثانياً: أين هذا المعمر ما دام أنه سيبقى حياً إلى زمن المهدي المنتظر عجل الله له الفرج! فأين هو الآن؟ هل لا يزال في سهرورد أو هاجر إلى غيرها؟ وعلى التقديرين فأين الرجل ولماذا لم يره أحد؟ ولم ينقل أحد أنه شاهده بعد ذلك الوقت؟! أليس من المفترض بحسب طبيعة الأمور أن يشتهر ذكره ولا سيما في عصرنا حيث وسائل الإعلام على شتى أنواعها، وحيث الاهتمام البالغ بالظواهر العجيبة، ورصد الأشخاص المعمرين في العالم؟! فلو كان حياً لشكل ظاهرة غريبة تدفع الأطباء إلى درسها لمعرفة أسباب العمر الطويل!

وقفة أخيرة: نتائج وخلاصات

وفي محصلة هذه الدراسة نشير إلى أهمّ النتائج والخلاصات التي توصلنا إليها:

أولاً: إنّ قصة المعمر المغربي لا يمكن الوثوق بها، لأن القرائن المتعددة لا تساعد على تصديق الرجل ولا التعويل على كلامه، هذا لو كان بالفعل شخصيّة حقيقية، ولها وجودها الواقعي.

ثانياً: إنّ فكرنا الديني يحتاج إلى مراجعات عديدة، لأنّه قد ابتنى في بعض الأحيان على استدلالات واهية وضعيفة، الأمر الذي يسيئ إلى أصالة هذا الفكر، ويكون مبعثاً للشك لدى كثيرين في المبادئ الدينية نفسها. فقضية بأهمية العقيدة المهدوية لا يصح أن نتشبث لإثباتها أو إثبات بعض تفاصيلها

بقصص ملفقة أو غير واقعية. إننا معنيون بإثبات عقائدنا على أسس متينة من العقل القطعي أو من النقل الموثوق بصدوره.

ثالثاً: إن حسن الظن بالعلماء المتقدمين، لا يجوز أن يدفعنا للقبول والتسليم بكل ما ذكروه في كتبهم، أو حدثوا به تلامذتهم، فإن بعضهم على جلالته وتدينه ربما كان صاحب ذهنية لا تخلو من بساطة تدفعه لتصديق ما يسمع من الغرائب والعجائب.

رابعاً: إن النقاش في قصة هذه المعمر أو ذاك، لا يعني رفض فكرة العمر الطويل للأشخاص، فهذا الأمر ليس مستحيلاً لا من الناحية العقلية ولا من الناحية العلمية ولا التاريخية.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأحد 24 ديسمبر 2017 - 13:20 بتوقيت مكة