يرى انتوني هاروود المحرر السياسي السابق في صحيفة "ديلي ميل" البريطانية في مقال له في موقع "الاندبندنت" أن موقف السعودية واضح من الزيارة التي قام بها ترامب وهي أول زيارة خارجية له بعد توليه منصب الرئاسة حيث رأى الكثيرون في توقيعه بالرياض على صفقات أسلحة بقيمة 100 مليار دولار تعبيراً عن "شطارته" كما أوضح في كتابه “فن الصفقة” وما يريد تحقيقه أيضًا. إلا أن تحركه لم يفت الشارع العربي الذي يتعامل بريبة مع كل خطوة تقارب مع واشنطن.
وبعد إعلان ترامب بدأ الشارع العربي بجمع القطع وعملية الحساب. بشكل كشف عن حالة الخداع مذكراً بعبارة الرئيس الأمريكي أبراهام لينكولن الشهيرة: "قد تخدع كل الناس في بعض الأحيان وبعض الناس في كل الوقت ولكنك لن تستطيع خداع الناس كلهم في كل الأوقات".
وأشار للعلم الذي رفعه مشجعو فريق مليلة الجزائري الذي حمل صورة نصفية لترامب وأخرى للملك السعودي سلمان. وتحتها كتب "وجهان لعملة واحدة"، بشكل أغضب السعوديون الذين توعد سفيرهم في الجزائر باتخاذ الإجراءات المناسبة "بعد التحقق من الصورة".
ويرى الكاتب أن التهمة الجاهزة من السعوديين ستكون أن العلم هو مؤيد لقطر التي يحاصرونها منذ ستة أشهر. وقبل أن يبادروا بكيل التهم، يقول هاروود إن عليهم قراءة ما يكتب عنهم في التويتر.
وينقل سلسلة من التغريدات التي أكد فيها المغردون على صحة موقفهم وأن الذين رفعوا العلم يمثلون كل الشعب الجزائري "نعم انت و ترامب وجهان لعملة واحدة في قضية القدس". وقال آخر: "ولماذا الغضب، ألم يقل إمام الحرم المكي أن الرئيس الامريكي وخادم الحرمين يسعيان معا لاحلال السلام العالمي يعني وجهان لعملة واحدة والسلام العالمي يكون بالقضاء على حمس يعني غزة يعني القدس يعني فلسطين".
وقال ثالث: "من يمنح الامول لامريكا كل عام؟ نحن ام انتم ؟ أنت علة المسلمين وانتم سبب فلسطين فيما هي عليه".
ويرى هاروود أن السعودية بتصرفاتها زادت ريبة الشارع فعندما أعلنت تركيا عن مؤتمر القمة الإسلامية لاتخاذ قرارات ضد إعلان ترامب، أرسلت معظم الدول الإسلامية قادتها لكي يمثلوها إلا السعودية والإمارات اللتان لم ترسلا حتى وزيري الخارجية وفضلتا إرسالهما لباريس والمشاركة في مؤتمر لمكافحة الإرهاب في دول الساحل والصحراء الإفريقية.
ولم يتوقف الأمر عند هذا بل وبدأتا بعد نهاية المؤتمر بمهاجمة تركيا وإيران بعبارات شديدة وليس أمريكا. وهو ما قاد بدر الدين حبيب أوغلو، السكرتير العام لمعهد الدراسات التركية- العربية للقول إن السعودية والإمارات اشتركتا منذ البداية بالخطة الأمريكية- الإسرائيلية والتي "تتمحور حول التخلي عن القضية الفلسطينية وبيع قضية القدس مقابل تقوية حكم محمد بن سلمان وفرض رؤية جديدة في المنطقة".
ويرى هاروود أن المسألة ليست فقط فشل السعودية والإمارات الوقوف جنبا إلى جنب مع الـ57 عضوا في منظمة التعاون الإسلامي لدعم الموضوع الذي يوحد العرب، ولكن ما يحدث أيضا من لقاء بين جارد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي وبن سلمان حيث قضيا الليل وهما يتحدثان وزيارة مايك بومبيو، مدير الإستخبارات الأمريكية وتباحث مع الملك سلمان حول "تطورات المنطقة"، وهو نفس بومبيو المرشح لشغل منصب وزير الخارجية ريكس تيلرسون.
وقبل ذلك بثلاثة أيام كان وزير الأمن الإسرائيلي يدعو بن سلمان لزيارة إسرائيل رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين. فيما دعا أكاديمي سعودي من على قناة "الحرة" الأمريكية العرب القبول بان إسرائيل لديها حق خاص بالقدس.
وقال عبدالله الحكيم:"علينا الإعتراف أن القدس هي رمز ديني لليهود وهي مقدسة بالنسبة لهم كمكة والمدينة بالنسبة للمسلمين". كل هذا يدعم نظريات المؤامرة التي تقول إن السعوديين كانوا من ضمن خطة القدس من اليوم الأول حيث برز بن سلمان كشخصية أولى معينة من أمريكا للتوسط في صفقة سلمية بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين".
وفي بداية الشهر الحالي كان ترامب يقول إن هناك رابحون وخاسرون، فهل سيطبق قواعده على الشرق الأوسط؟ ولا أعرف من سيكون الخاسر في حل دولتين يقترحه.