وقال نبيل مولين إنه لا يمكن للسعودية أن تقطع نهائيا مع الوهابية على الرغم من الإصلاحات التي تم اتخاذها، معتبرا أن الوهابية لا تزال تعد أحد أركان النظام الديني في المملكة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الباحث قد أشار إلى أن فقهاء الوهابية، فضلا عن الثروة النفطية، يشكلان معا أهم ركائز النظام الديني الحاكم.
وتابع مولين، أن ابن سلمان يعي جيدا هذا الأمر، ولذلك، غالبا ما يتحين الفرص للتعبير عن مدى تقديره وتعلقه برجال الدين، وخاصة مفتي المملكة.
من جهة أخرى، يتقن ولي العهد، سبل التعاطي مع هذا الموضوع في خضم حديثه مع الصحفيين وممثلي الدول الأجنبية، حيث يعمد إلى اختيار عباراته بعناية.
وذكرت الصحيفة أن سنة 1979، قد شهدت تحولات كبرى في العالم الإسلامي، لعل من أبرزها الثورة الإسلامية في إيران، والغزو السوفييتي لأفغانستان، إضافة إلى حادثة اقتحام الحرم المكي من قبل جماعة تبشيرية. وقد ترتب عن ذلك زعزعة الاستقرار في المملكة التي دخلت في مزايدة مع المحافظين.
ونقلت الصحيفة رؤية نبيل مولين الخاصة لمصطلح "الصحوة". وفي هذا الصدد، أفاد مولين أن الصحوة تعد "مزج" الأفكار الوهابية مع أساليب عمل جماعة الإخوان المسلمين. ولهذا السبب تحرك ابن سلمان، حيث أعرب عن نيته في استئصال جماعة الإخوان المسلمين وكل فروعها خصوصا الجهادية منها، الأمر الذي من شأنه أن يخدم مصلحة الوهابيين، الذين يصنفون بدورهم جماعة الإخوان على أنها منظمة خطرة.
وأضاف نبيل مولين أنه لا يمكن التنبؤ بتحول العلاقات مع المؤسسة الدينية في السعودية، ولكننا متأكدين من حقيقة أن المؤسسة الوهابية تعد "نقية" (أي لا تدين سوى بفكر واحد). كما لا يمكننا التشكيك في تحالفها التاريخي الذي يربطها بالنظام الملكي.
وفي إجابته عن سؤال الصحيفة بشأن تقبل علماء الوهابية للخطوات التي أقدمت عليها السعودية نحو التحرر، خاصة تلك التي تصب في صالح المرأة، أفاد الباحث أن "السياسة المتبعة فيما يتعلق بالمرأة تعكس أسلوبا نموذجيا يجمع بين عنصرين متناقضين في الظاهر، وهما كل من سياسة الانتهازية والقيود الهيكلية. وللتوضيح أكثر، تندرج الإجراءات المتخذة لصالح المرأة، على غرار السماح لها بالقيادة وتولي مناصب هامة، في إطار مواصلة السياسة التي استهلها الملك عبد الله، الذي توفي سنة 2015".
وأردف الباحث أنه "من خلال هذه الإجراءات، قد ينجح ابن سلمان في استقطاب دعم جزء من الشعب، وخاصة النساء في سبيل تلميع صورة النظام في أعين العالم الغربي، وهو ما يعد جوهر السياسة الانتهازية".
وأكدت الصحيفة على لسان نبيل مولين أن شيوخ الوهابية قد تأقلموا مع الفكر التجديدي لابن سلمان بسرعة في سبيل الحفاظ على مصالحهم المادية والدينية، في حين يمكنهم أن يتنازلوا عما يرونه أمرا ثانويا. وقد اتخذوا هذا المنهج بين سنة 1940 و1950، عندما وافقوا على حق المرأة في التعليم.
وأشار مولين إلى أنه "حين يمسي الإجراء أمرا لا مفر منه، يحاول الوهابيون التكيف معه بغض النظر عن حقيقة أنه لا يتماشى مع أفكارهم، إلا أنه من غير الممكن أن يقبلوا مثل هذه الإجراءات دون فرض شروطهم الخاصة. وأفضل مثال على ذلك، السماح للمرأة بالقيادة، حيث قبلوا به مع تسجيل ملاحظة في ذيل نص المرسوم الذي أقر بحرية المرأة في قيادة السيارة، حيث يشترط أولا حصولها على موافقة رسمية من والدها أو كفيلها الشرعي، مع احترامها للباس المحافظ الذي تنص عليه الوهابية داخل الفضاءات العامة".
وحول تساؤل الصحيفة عن علاقة الوهابية التي نعرفها اليوم مع تلك التي أسسها محمد بن عبد الوهاب في القرن الثامن عشر، أورد الباحث أن "محمد بن عبد الوهاب أراد القيام بإصلاحات في صلب المنهج الإسلامي ترتكز على العودة إلى أصوله النقية. ولكن ذلك يعد بمثابة نوع من "الدين المضاد" الذي يعكس مفهوم العقيدة الصارمة المفروضة على التوجه الديني والسياسي".
وأضاف نبيل مولين أن "الوهابية قد أضحت المذهب الأكثر تشددا في الدين الإسلامي. وعندما أحس الفقهاء بأن نفوذهم مهدد، بدؤوا في المقاومة، لكن لم يكن ذلك كافيا مما اضطرهم إلى التكيف مع الإجراءات التي تعارض قناعاتهم".
وأفادت الصحيفة وفقا لنبيل مولين أن مشايخ الوهابية على استعداد "لمراجعة مواقفهم فيما يتعلق بعدة قضايا هامة على غرار، الجهاد، والعلاقات مع الآخر مسلما كان أو على دين آخر والتعليم ووضعية المرأة والترفيه والتكنولوجيا". وفي الوقت الحاضر، تخفي محاولات علماء الوهابية لإرضاء العالم الغربي من خلال تقديم تنازلات تصب في صالح المرأة، أسلوبا يحيل إلى أنهم يسيرون مع التيار، ولكن بما يتفق دائما مع مصالحهم الخاصة.
عربي 21
25 -101