حرية "دمر و احرق وانهب واقتل فأنت حر"!

الإثنين 18 ديسمبر 2017 - 15:30 بتوقيت مكة
حرية "دمر و احرق وانهب واقتل فأنت حر"!

هل كانت الحرية في يوم من الأيام حرية غير واعية؟ .. حرية عبثية ؟.. غرائزية، تدمر و لا تبني؟ ..حرية يمتطيها أعداء الحرية،الذين استباحوا أرضنا و نهبوا خيراتنا واستباحوا أوطاننا و هودوا مقدساتنا و أرهبوا إنساننا و سفهوا معتقداتنا و تفهوا تراثنا و تكبروا و تجبروا و داسوا على أحلامنا ، فعن أية حرية يتحدث هؤلاء؟

محفوظ ولد أعزيز

إن المتتبع لما يجري اليوم في وطننا العربي من أحداث يخيل إليه أنه أمام فيلم من الخيال، تم تركيب حلقاته بطريقة لا تخضع للمنطق العلمي ، أقحم فيه اللاعبون و المشاهدون بطريقة درامية مشوشة للذهن و مخلة بتوازن المشاهد، العقلي و النفسي، اختلطت فيه الأدوار و المشاهد بطريقة لا تخلو من منطق عابث، مستهزئ بمنظومة القيم و الثوابت التي بنى عليها الإنسان تصوره للخاص و المشترك عبر مسيرته الكونية الطويلة.

إن للعقل دوره المحوري في توجيه ميكانيزمات الحياة و في الحكم على كل الظواهر سلبا أو إيجابا. و المتتبع اليوم لما يجري في وطننا العربي بطريقة فاحصة و متأنية ، يجد أن هناك انقلابا دمويا ينفذ على المشترك بطريقة غرائزية تخرج الإنسان من منظومته الحضارية و تدفعه بأسلوب غرائزي نحو تهديم المشترك دونما رادع و لا وازع. و كلمة السر الوحيدة الدافعة نحو الهدم و الدوس على ما كنا جميعا و مازلنا نعتقد أنه ثابت و مقدس العيش المشترك، هي كلمة (الحرية).
فهل كانت الحرية في يوم من الأيام حرية غير واعية ؟ .. حرية عبثية ؟ .. غرائزية، تدمر و لا تبني ؟ .. حرية يمتطيها أعداء الحرية، الذين استباحوا أرضنا و نهبوا خيراتنا واستباحوا أوطاننا و هودوا مقدساتنا و أرهبوا إنساننا و سفهوا معتقداتنا و تفهوا تراثنا و تكبروا و تجبروا و داسوا على أحلامنا ، فعن أية حرية يتحدث هؤلاء ؟
إنها حرية دمر و احرق و اسلب و انهب و اقتل فأنت حر !؟
ألم تكن الحرية هي تلك الأنشودة الجميلة التي تغنى بها شعراؤنا و استشهد في سبيلها مناضلونا و حوصرت على طريقها أوطاننا و أريقت في سبيلها دماؤنا؟
إن الحرية أغلى و أثمن و أنبل من أن يمتطي صهوتها جلادونا و منتهكو حرمات أوطاننا و موزعو الموت المجاني على نسائنا و أطفالنا و شيوخنا في فلسطين و العراق و لبنان و أفغانستان و باكستان .
أهانت علينا نفوسنا إلى حد تقليد الصحوات في العراق و كرازايات أفغانستان، أم نسينا شلال دمائنا الذي أراقه هؤلاء المجرمون على مذبح حريتنا منهم و من نظرتهم العنصرية الحاقدة على أوطاننا و على منظومتنا القيمية.
هل يسمح لنا دعاة الحرية هؤلاء بحرية نسائنا المقيمات في بلدانهم ، في ممارسة حريتهن الشخصية في أبسط حق من حقوق الإنسيان : إنه حق ارتداء الحجاب.؟
و مع ذلك فلعملائهم في أوطاننا كامل الحرية في حمل السلاح و إراقة دمائنا و تدمير العيش المشترك داخل منظومتنا الاجتماعية. و إذا وقف المجتمعات في وجوههم و تصدت الدول لجرائمهم ، عندها و عندها فقط يتذكر هؤلاء حقوق الإنسان و تتحرك منظماتهم و تملأ الدنيا عويلا و تطبيلا و ينتبه الغرب و أمريكا و من ورائهم الصهيونية أن هناك إنسان تجب حمايته !؟
أليس في هذا أكبر إهانة لنا و تتفيه و تسفيه لعقولنا ؟ ألم يكن إنساننا الذي أبيد في العراق بآلة دمار هؤلاء ، إنسان؟
ألم يكن إنساننا الذي أبيد في فلسطين عموما و في غزة على وجه الخصوص ، إنسان؟
ألم يكن إنساننا الذي أبيد في صبرا و شاتيلا و قانا الأولى و قانا الثانية إنسان ؟
ألم يكن إنساننا في غوانتانامو و بلمارش و أبو غريب و العشرات من السجون السرية المتنقلة في الجو و البحر ، إنسان؟
ألم يكن إنساننا الذي يمزق في أفغانستان و باكستان و ليبيا بالصواريخ الموجهة، إنسان ؟
علينا إذن أن ننتبه ، إنه عدوان جديد من نوع آخر على عقولنا و تدمير ممنهج لمنظومتنا الذهنية و استباحة فاضحة لقيمنا الأخلاقية و تزييف مكشوف لقيم الحرية ."
أصحيح يا حرية، يا رفيقة دربنا الأزلية : إننا رفاق دربك في مواجهة البربرية .. إننا جنودك في مواجهة الصهيونية العنصرية .. إننا أشقاؤك في الذود عن الضحية .. إننا و أنت نرسف في قيود صعاليك الهمجية .. إننا و أنت يا حرية سنظل واقفين أمام الظلم و الاضطهاد و العبودية .. إننا يا حرية يا قوية بقوة الحق في فلسطين و العراق و لبنان و أفغانستان ، صامدون من زمان في وجه آلة الطغيان الصهيو ـ أمريكية، فليدعوا ما شاءوا و ليرفعوا ما شاءوا من شعارات و ليزيفوا ما شاءوا من حقائق فستظلين أنت يا حرية في الصفوف الأمامية للتصدي لهجماتهم الهتليرية و ستظلين أنت كما عهدناك أول المنادين بسقوط منظومتهم الهمجية.
تقدمي يا حرية ، يا معبودتنا الأبدية، لا تخافي من تزييف هؤلاء و من تشويههم لصورتك النقية. سيندحرون بقوة الحق إلى جانبك و ستتحرر من أدرانهم البشرية يا أختنا يا حرية. إنهم أفاكون، سفاحون، مصاصون لدماء البشرية. انهضي يا حرية و لا تقبلي أبدا بالهوان الذي يسومك به هؤلاء فقد عهدناك دائما أمام جبروتهم قوية. انهضي يا أختنا يا حرية لقد استباح هؤلاء الصعاليك أجمل ما في البشرية : استباحوا الإخاء الإنساني استباحوا التسامح و السكينة استباحوا الود و الفضيلة استباحوا كل القيم النبيلة و أنت يا حرية في هذا المشروع مشروع تمزيق الإنسان و الأوطان . كنت أنت أول ضحية. انهضي يا حرية فنحن نعاهدك يا معبودة الشجعان، أننا لن نستكين و لن ننخدع بهذا الطوفان الذي يهيج الغرائز في الإنسان .. نعاهدك أننا سنحرر منهم الأوطان و أجمل ما في الإنسان: عقل الإنسان. و سنحرر الأديان مما ألحقوه بها من أدران ليعود الإنسان كما كان أخ الإنسان في الزمان و المكان، فأنت يا حرية أجمل معشوق خلقه الله للإنسان، فاصرخي أمام جلاديك الصهاينة و الأمريكان و قولي لهم بملء فيك و بلسان الأحرار الشجعان، أنك لن تلعبي في هذه المسرحية المخزية دور الشيطان.

الموقع :  elwihdawi.com

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الإثنين 18 ديسمبر 2017 - 14:37 بتوقيت مكة