ثمة في أدبياتنا السياسية كلمة أساسية مهمة هي «نظام الهيمنة». هذه الكلمة الأساسية عظيمة المحتوى والمعاني. ما معنى نظام الهيمنة؟ نريد أن تكون لنا مراجعتنا السريعة للماضي وللجذور إلى أن نصل إلى وضعنا الحالي اليوم. نظام الهيمنة معناه نظام ذو قطبين بين بلدان العالم. استقطاب ثنائي واضح ومتفاقم بين البلدان، هذا هو نظام الهيمنة. أحد القطبين هو القطب المهيمن، والقطب الثاني هو القطب الخاضع للهيمنة. هذا هو نظام القطبين. وأشرتُ إلى أن هناك الكثير من الكلام والتفاصيل في إطار هذه المفردة الأساسية. وقد تحدثت ببعض النقاط والآراء خلال هذه الأعوام، لكنكم أيها الطلبة الجامعيين عندما تجلسون وتجتمعون في اجتماعات فكرية وتحليلية تستطيعون أن تجدوا كلاماً وآراء أكثر وأفضل فيما يتعلق بهذه المفردة الأساسية. على كل حال تكونت في العالم فئتان من البلدان - ويعود هذا إلى منذ قرنين أو ثلاثة قرون سابقة فصاعداً - هما البلدان المهيمنة والبلدان الخاضعة للهيمنة. البلدان المهيمنة هي في الأعم الأغلب بلدان أوربية. وهناك أسباب تشرح كيف ولماذا تحولت هذه البلدان إلى بلدان مهيمنة، وما هي الخصوصية التي توفرت فأفضت إلى هذه النتيجة. هل كان لهم امتياز معين من حيث الخلقة مثلاً؟ هل كان لهم تفوقهم من الناحية الذهنية؟ أم لا، تتفاعل وتظهر عوامل فتسبب رجحان جزء من العالم أو بلد من بلدان العالم على الآخرين. هناك أسباب بالتالي ولا نريد الخوض في تلك الأسباب الآن، لأن نقاشنا ليس حول الأسباب. هذا شيء حصل وحدث على كل حال: بلدان مهيمنة وبلدان تحت الهيمنة.
حسناً، انبثقت ثنائيات معينة منها ثنائية التقدم والمراوحة؛ بمعنى أن البلدان المهيمنة شهدت تطوراً مطرداً بسرعة متصاعدة على نحو مستمر