أجل، يضج ويغلي غضبا من قرار "أرعن" البيت الأبيض بنقل وكر تجسسه (السفارة) الى القدس المحتلة.. الا المقابر الخليجية التي يلفها الصمت والانظمة المهرولة نحو التطبيع والتي تمنع شعوبها حتى من الدعاء للمقاومين.. والمقاومة لا تحتاج الى دعاء "المخانيث" الذين ضرب الله عليهم ذل العبودية لحفنة من المشايخ القبليين الجهلاء ولافكار ابن عبد الوهاب المتحجرة والمتخلفة والمنحرفة.
هؤلاء الذين صدعوا رؤسنا بالامن العربي والهم العربي و"الخطر والتهديد الايراني للدول العربية" وبالدفاع عن الاسلام، وبأن فلسطين قضيتهم الأولى، كانوا اول من فاتحهم "الأرعن" بقراره، فأسرّوا الأمر وباركوا له، ولم يجرؤوا على معارضته خوفا على سمعتهم وسمعة انظمتهم العميلة والجبانة، بل أرد بعضهم وفدا الى تل أبيب فيما العالم الاسلامي يغلي غضبا ضد الصهاينة، وأقصد نظام آل خليفة في البحرين.. حقا "اذا لم تستح، فافعل ما شئت!".
لست بصدد تقديم صورة عن الوجدان المفقود والغيرة الضائعة، او اتهام الجميع بالتقاعس والتخلف عن مناصرة أهلنا في الأرض المحتلة، فلولا تلك الغيرة التي تتدفق من جنبات ابناء هذه الامة وشبابها وابطالها الحقيقيين، لما شُنت كل هذه الحروب ضدها.. لكن قرار الأرعن أماط لثام الزيف عن وجوه كثير من الأنظمة العربية والاسلامية، التي لم تفعل شيئا للقدس وفلسطين ولتذكير أمريكا حتى بالقرارات التي اصدرتها أممها المتحدة البائسة في موضوع احتلال فلسطين وتسوية الصراع مع المحتلين على مدى سبعة عقود من الزمن.
نقف مرة أخرى على عتبة القدس والاقصى، التي طالما غنينا لها:
"لأجلك يا مدينة الصلاة اصلي
لاجلك يا بهية المساكن يا زهرة المدائن
يا قدس يا قدس يا قدس يا مدينة الصلاة أصلي"
هؤلاء الأفاكون صرفوا على زيارة سيدهم ترامب وأسرته 460 مليار دولار، فيما يمنّون على الفلسطيني انهم اعطوه فرصة ليعمل في بلدهم ويشيد لهم مدنهم ويسهل عليهم معيشتهم التي لا يتقنون فيها سوى الاستهلاك والكبسة والنكاح وتعدد الزوجات.. وان وجد بعض هؤلاء متسعا فسيكون "جهاديا" قاعديا او داعشيا، ليفجر نفسه بالاخرين في العراق وسوريا ولبنان ولربما مصر!
أكثر من ذلك اصبحوا والصهاينة الملطخة أيديهم بدماء جميع شعوب ومكونات الشرق والغرب العربي والاسلامي، حلفاء علانية بعد ان كانت زيجاتهم مسيار وعلاقاتهم وناسة!.. نعم، اصبحوا يشاركون اللقيطة كل مشاريعها الاقليمية والدولية.. ويطبلون لـ"لصفقة القرن" النتنياهوـ ترامبية بكل ما تسقطه من حق العودة والتوطين وحتى سلب سيناء من مصر.. ولا عجب فاللقطاء على اشكالهم يقعون!
ليس هذا فقط، فهؤلاء الحكام كانوا دائماً رهان المستعمر والمستكبر وهو نتيجة للصفقات والارتهانات بين الرجعية وأسيادهم في لندن وباريس وواشنطن.. فللأسياد حق الخلق والوجود برقبتهم!.
والسؤال: أين القدس وأين الاقصى وأين فلسطين في وجدان هؤلاء ان كان لهم وجدان؟!... أينها من مهرجانات الشعر والملتقيات الثقافية والعلمية ومن المسيرات.. لماذا أضحت القدس ومقاومة الاحتلال وعدم التطبيع من اختصاص ايران وعراق الحشد وسوريا الاسد ويمن الحوثيين ولبنان المقاومة والشارع الاردني وبعض الاحرار في تونس ومصر والجزائر والمغرب، وفي خارج الدائرة العربية في تركيا واندونيسيا وباكستان؟!
لماذا يتفاعل العرب مع التفاهة والمجون.. و"يعفّون!" عن الطهر والشرف والاباء...؟!
أكثر من 450 مليون دولار يشتري بها محمد بن سلمان لوحة لدافنشي لا تساوي اكثر من ربع مادفع لها حسب المزاد، ويخت بـ 500 مليون دولار ممكن لا يراه في كل عشر سنوات مرّة، او قد لا يراه.. وبعض الفلسطينيين يبيعون أرضهم من الجوع ولا تمويل لهم كي يصمدوا بوجه الاحتلال وضغوطه واساليبه...؟!
حمد بن جاسم، وزير الخارجية القطري السابق اعترف انهم صرفوا في السنوات الثلاث الاولى من الحرب على سوريا التي هي في عامها السابع، مبلغ 137 مليار دولار!! ولا ادري هل هو من قطر وحدها ام مجموع ما صرفه المعتدون وحماة الارهاب.. وكم انفقوا بعد ذلك الى اليوم؟!
أين العرب وأين المسلمون (.. وين الملايين!!) هل صاروا كلهم مع جيش كبسة السعودي المتهاوي أمام الصمود اليمني، أم صاروا جميعهم مقاتلين في "داعش" والنصرة وأجناد بيت المقدس وبوكوحرام ولشكر جهانگوي؟!.
لماذا يصرّ بعض العرب وبعض المسلمين على استبدال الفخر والعزّ والمقاومة، بالعهر والاستلاب والارهاب..ومن المسؤول عن هذا المستنقع؟!.
أعتقد أن الوعد الالهي واضح، فشرف القتال ووسام النصر على رمز الكفر والاستكبار والتآمر، وهذه الجمرة الصهيونية الخبيثة (اسرائيل) لن تكون من نصيب حثلات أمة العرب والاسلام، ومن اتباع "الارعن" ترامب واصدقاء النتن ياهو، والراقصون على أنغام "هلا بالخميس"!!.. لانه ببساطة، هذه المهمة تحتاج وفق المنطق السماوي القرآني الغيبي الى عباد مؤمنين أولا، وأولي بأس شديد ثانيا..
نعم تريد أن يكون محرر القدس كرار غير فرار لا ينتمي الى الجيوش الرسمية العربية التي هزمتها "اسرائيل" في كل معاركها.. أجل، تريده أن يكون من سنخ وطينة ذاك الصميدع الذي فتح قلاع الشرك والنفاق في خيبر.. وقضى على الفتنة واقتلعها كما قلع الباب التي عجزت عن فتحها عشرات الرجال.
خيبر تعود من جديد ولا يفتح اسوارها المدججة بالسلاح والعتاد النووي والاميركي والمحروسة بأنزمة الخيانة العربية ومعاهدات الاستسلام الاّ المقاومون حفاة الارض من خمص البطون.. وكان وعداً مفعولا.
بقلم: علاء الرضائي