د. علي آقا نوري**
ترجمة: نظيرة غلاّب
2-مركزيّة القرآن
كما أسلفنا القول فإنّ القرآن هو حبل الله المتين، الذي يعصم الأمّة عن التفرقة. فقد دعا إلى اجتناب الفرقة وابتغاء الوحدة: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: 103). وكذلك جاء الحديث في سورة النساء ضمن الآيتين 146 و175، وفي الآية 101 من سورة آل عمران، حيث دعا إلى التمسُّك بحبل الله. وقد اختلفت التفسيرات حول المراد الإلهيّ من عبارة «حبل الله»؛ فذهب البعض إلى أنه القرآن؛ وقال آخرون: إنه القرآن والسنّة؛ واختار البعض الآخر القول: إن المراد به التوحيد الخالص؛ ورأى آخرون أنّه القرآن وولاية أهل البيت؛ إلى غيرها من الآراء([27]). ولم يكن الإمام علي(ع) يحصر دور القرآن في قيادة ورئاسة الأمّة، بل كان يرى أنّ العلّة الكبرى والسرّ الأوفى في سقوط الحَكَمين كان هو عدم تمسُّكهم بالقرآن وبما نزل فيه، مؤكِّداً على ضرورة الاجتماع والتمحور حول القرآن: "إنّما حكم الحكمان ـ ويعني بهما: عمرو بن العاص؛ وأبا موسى الأشعري ـ ليحييا ما أحيا القرآن، ويميتا ما أمات القرآن. وإحياؤه الاجتماع عليه، وإماتته الافتراق عنه. فإنْ جرّنا القرآن إليهم اتّبعناهم؛ وإنْ جرّهم إلينا اتّبعونا"([28]).
لقد كان يكفي هذان الحَكَمان أن يتمسَّكا بظواهر القرآن للخروج من الخلاف، لكنهما فضَّلا رأيهما، وافتيا به، دون القرآن، فكان أن سقطا، وقصما بذلك ظهر الأمة، وأعملا فيها التفرقة.
إن تعليمات وأقوال هؤلاء العظماء في وجوب التمركز حول القرآن والتمسُّك به، فهو العروة الوثقى وكهف الله الأعظم الذي يأمن مَنْ لجأ إليه([29])، تلزمنا بالحديث عن بعض خصوصيّاته، نظير: الشمولية، الوضوح، والمرجعيّة.
أ ـ شمولية القرآن في بيان التعاليم الكلّية للدين
يؤكِّد أهل البيت(ع) أنّ القرآن يشمل كلّ ما تحتاجه الأمّة والمجتمع المسلم من التعاليم والمبادئ الكلّية، وأن كل تعاليم وأسس التشريع تجد لها أصلاً في القرآن([30]).
ففي رواية عن الإمام الصادق(ع)، وبعد أن بيَّن شمولية وجامعية القرآن، قال: "إنّ الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كلّ شيء، وما ترك الله شيئاً يحتاج إليه العباد، حتّى لا يستطيع عبدٌ يقول: لو كان هذا أنزل في القرآن، إلاّ وقد أنزله الله فيه"([31]).
وفي رواية أخرى عن الإمام الباقر(ع): "إنّ الله تبارك وتعالى لم يدع شيئاً تحتاج الأمّة إليه إلاّ أنزله وبيَّنه لرسوله(ص)، وجعل لكلّ شيئ حدّاً، وجعل عليه دليلاً يدل عليه، وجعل على مَنْ تعدّى ذلك الحدّ حدّاً"([32]).
إنّ تجميع هذه الروايات من هذا القبيل، وضمّها إلى الروايات الأخرى التي تتحدَّث عن شروط وكيفيات صحّة المعاملات والتعهُّدات وغيرها من العقود، بالإضافة إلى تلك الروايات التي تتحدّث عن المعيار في قبول الأحاديث المرويّة عن الأئمّة، والتي يدعون فيها إلى العرض على القرآن([33])، تكشف لنا حقيقة كبرى مفادها أنّ القرآن في الجملة يشمل جميع التعاليم التي تحتاج إليها الأمّة. فكل تلك الروايات، وكذا أغلب الاحاديث النبويّة الشريفة، ناطقةٌ بما في القرآن ومعطوفةٌ عليه. لكن من جهة أخرى تكشف لنا أنّه ليس بمقدور عامّة الناس إرجاع جميع تلك المعاملات والأحكام والتشريعات إلى القرآن؛ لمعرفة الصحيح منها، وتمييز السقيم فيها، بل هذا الأمر يحتاج إلى مقوّمات ذاتيّة وموضوعيّة. ولعل هذا ما نفهمه من كلام الإمام الصادق(ع) حيث قال: "ما من أمرٍ يختلف فيه اثنان إلاّ وله أصلٌ في كتاب الله، ولكن لا تبلغه عقول الرجال"([34]).
وقد تحدَّث القرآن عن هؤلاء الرجال الذين يملكون القدرة على تشخيص الصحيح من السقيم في ما يخصّ ما تحتاجه الأمّة من تعاليم وتشريعات. فقد جاءت الآيات التي تتحدَّث عن «أهل الذكر»، و«الراسخون في العلم». واعتبر قولهم حجّة تبرأ بها الذمّة. واللجوء إلى القرآن، وإلى فهم وتفسير مَنْ اعتبرهم القرآن حجّة، تحلّ العديد من الاختلافات، وتحفظ العديد من الروابط الإنسانيّة، وترأب الثّأي وترص الصدع([35]). وفي هذا يقول الإمام الصادق(ع): "مَنْ لم يعرف الحقّ لم يتنكَّب الفتن"([36]).
ب ـ وضوح مفاهيم وتعاليم القرآن وشفافيتها
إنّ النقاش حول ما إذا كانت تعاليم القرآن واضحة وقابلة للفهم بالنسبة إلى الجميع أمرٌ لم يستقرّ الكلام فيه على رأي واحد. وعلى أيّ حال فنحن نشير إلى نظريّتين على طرفي النقيض:
رأت مجموعة أنّ المخاطب بالقرآن هم طائفة خاصّة، وأنّ فهم المراد الأصليّ للخطاب القرآنيّ يقتصر على هذه الطائفة من الناس. وفي المقابل هناك فئة أخرى تنطلق من مبدأ كون القرآن هو لجميع الناس، وكل النّاس مكلفون بما جاء فيه، وملزمون به، ولأنّ القرآن نزل موافقاً للعرف اللغويّ والبشريّ، فهو قابلٌ للفهم لدى الجميع ـ بطبيعة الحال مع مراعاة الشروط ـ، والكلّ يستطيع فهمه وإدراك مراده الأصليّ. ولعل ما يقوّي النظريّة أو مذهب الاتّجاه الثاني كون العديد من الروايات، وخاصّة تلك المرويّة عن الإمام عليّ(ع)تذهب في هذا الاتّجاه، وتقوّي من عضده. ومن جملتها: كون القرآن حجّة الله على خلقه([37])، والقرآن هداية للجميع([38])، وهو المبين للخير والشرّ([39])، وهو العروة الوثقى، وشفاء لكلّ داء، ونجاة للمتمسِّك به من الهلكة. ويقول(ع) في خطبة يصف فيها القرآن: "فإنّه حبل الله المتين، والنور المبين، والشفاء النافع، والرأي الناقع، والعصمة للمتمسِّك؛ والنجاة للمتعلِّق، والردّ وولوج السمع. مَنْ قال به صدق، ومَنْ عمل به سبق"([40]).
وكذلك يقول ضمن خطبة أخرى: "إنّا لم نحكِّم الرجال، وإنّما حكَّمنا القرآن"([41]).
وجاء في بعض أقواله أنّ القرآن هو الآمر بأوامر الله، والكابح عن نواهيه، واتَّخذه على خلقه حجّة، وأن دعوته(ع) إلى التدبُّر في القرآن لأخذ العبر منه([42])، والتفكّر في كلامه، وتوظيف المحكمات، والعمل بحلاله وتجنُّب حرامه، والتوسُّل واللجوء إليه([43]). وهي ليست دعوة إلى ما ليس ممكناً أو مستحيلاً.
ومن بركات فهم القرآن ما بيَّنه(ع) بقوله: "واعلموا أنّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغشّ، والهادي الذي لا يضلّ، والمحدّث الذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحدٌ إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى؛ أو نقصان من عمى. واعلموا أنّه ليس على أحدٍ بعد القرآن من فاقة، ولا لأحدٍ قبل القرآن من غنى، فاستشفوه من أدوائكم، واستعينوا به على لأوائكم؛ فإن فيه شفاء من أكبر الداء، وهو الكفر والنفاق والغيّ والضلال، فاسألوا الله به، وتوجَّهوا إليه بحبّه، ولا تسألوا به خلقه؛ فإنّه ما توجَّه العباد إلى الله تعالى بمثله. واستدلّوه على ربّكم، واستنصحوه على أنفسكم، واتَّهموا عليه آراءكم، واستغشّوا فيه أهواءكم"([44]).
ويقول حفيده الإمام الصادق(ع): "إنّ هذا القرآن فيه منار الهدى، ومصابيح الدجى، فليجل جال بصره، ويفتح للضياء نظره"([45]).
وكذلك كان وصف الإمام الرضا(ع) للقرآن قائلاً: "هو حبل الله المتين، وعروته الوثقى، وطريقته المثلى، المؤدّي إلى الجنّة، والمنجي من النار"([46]).
وفي توضيحات أخرى عنه(ع) كون القرآن برهاناً، وأنه بإمكان الجميع فهم خطابه ودرك المراد منه، فهو لذلك حجّة على جميع الناس([47]). ورأى(ع) أنّ الاعتقاد بعدم وضوح دلالة القرآن موجبٌ للضلالة. وممّا جاء في محاسن البرقي موضِّحاً هذا الكلام: "فمَنْ زعم أنّ كتاب الله مبهمٌ فقد هلك وأهلك"([48]).
ومضافاً إلى ذلك فإننا نجد القرآن نفسه يدعو الناس إلى الاحتكام إليه في منازعاتهم واختلافاتهم، فقد قال تعالى في محكم كتابه: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ﴾ (النساء: 59). وفي حديث عن أمير المؤمنين عليّ(ع) فسَّر فيه قوله تعالى: "الرجوع إلى الله" بأنّه الرجوع إلى القرآن. ووجد الأئمّة في القرآن المحكّ الأصيل الذي يميِّز الحقّ عن الباطل، وأنه المعيار الصادق لمعرفة الصحيح من أقوالهم وأحاديثهم. فهذه الخصوصيّة والميزة الإلهيّة للقرآن تمدّنا بملاكٍ صادقٍ في معرفة الحقّ وتصفيته من الباطل، وملاكٍ في تشخيص الأحاديث الواردة فعلاً عنهم من المكذوبة والموضوعة عليهم. وهو ما يحلّ معضلة التعارض في الحديث، فما وافق القرآن فهو حديثهم، وما خالف القرآن فليس منهم([49]).وكلّ هذه الروايات والأحاديث الواردة في شأنيّة القرآن ومقامه تكشف عن حقيقة محوريّة ومركزيّة القرآن، بل مرجعيّته وأصالته بالنظر إلى باقي المصادر والمرجعيّات في التشريع، وفي الدين بشكل عامّ. وضمن هذا المقال سيتّضح لقرّائنا لماذا تمّ عطف العترة على القرآن في حديث الثقلين. فعلاقتهم بالقرآن تامّة من خلال محورين: أوّلاً: كونهم إنّما يستمدّون حجّية فعلهم وأقوالهم من القرآن. وثانياً: إنهم يقعون في طول القرآن، ممّا يعني أن ما يصدر عنهم من تعاليم وإرشادات لا ينبغي لها مطلقاً أن تخالف القرآن، أو أن تخرج عن كلّياته في الحلال والحرام ونحوهما.
3ـ التمسُّك بالسنة النبويّة والرجوع إليها
لقد تحدَّث القرآن الكريم عن النبيّ الأكرم(ص) وعرَّفه بكونه القبلة التي يلتفّ المسلمون حولها ويجتمعون عليها([50]). وجعل طاعته طاعة الله، ومعصيته معصية الله([51])، بل جعل الحكم في حلّ الاختلافات والنزاعات، وتشخيص الصحيح من السقيم، إليه([52])، فقال في كتابه العزيز: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾، وقد فسَّر أمير المؤمنين عليٌّ هذا الإرجاع بالرجوع إلى سنّته الشريفة.
وانطلاقاً من قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ (الأحزاب: 21) يتبيَّن أنّ النبيّ الأكرم(ص) قطب القيادة، ومحور الزعامة، الذي تستمدّ من وصيّته باقي الزعامات الدينيّة شرعيّتها، ونور الهداية الذي وجب على المسلمين الاقتداء والاهتداء به وعدم الخروج عن طاعته؛ لأن ذلك يعني خروجاً عن طاعة الله والعياذ بالله. ويلاحظ أن الجوامع الحديثيّة ضمن مصادر الحديث عند الإمامية قد تضمَّنت أبواباً تحمل عناوين: "الردّ إلى الكتاب والسنّة"، و"باب الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب"، أو بعنوان: "حجّيّة السنّة بعد الفحص"، وهي الأبواب التي شملت العديد من الأحاديث في وجوب التمسُّك بسيرة وسنّة النبيّ الأكرم(ص)، وأن طاعته طاعة لله تبارك وتعالى، ومعصيته معصية لله من دون استثناء. كما تحدَّثت عن مكانة السنّة الشريفة، وأنّها مكمِّلة ومبيِّنة للقرآن الكريم([53]). وكذلك ظهرت قيمة السنّة النبويّة في خطابات وأقوال أئمّة الشيعة، حيث اعتبروها الفيصل بين الحقّ والباطل، ولم يقف اعتبارهم للسنّة القطعيّة في نظرة التقديس، وأنها الفاصل بين الحقّ والباطل، والميزان في معرفة حديثهم، بل صرَّحوا بأن العدول عنها يساوي الكفر والشرك([54]). فمن خلال أقوال الأئمّة وسلوكيّاتهم نسبة إلى السنّة النبويّة نجدهم يصرِّحون غير مرّة أنّها الميزان في معرفة ما صدر عنهم حقّاً، وتمييزه عمّا نسب إليهم عنوة. مضافاً إلى تأكيدهم الدائم أنهم يستنبطون قولهم من السنّة، ولا يخرجون عنها مطلقاً([55]). إضافة إلى إنكارهم وجود عدل ونظير للقرآن والسنّة. فكل ما تحتاجه الأمّة في دينها له أصلٌ في القرآن والسنّة([56]). وكلامهم يكشف عن كون السنّة هي أسلم طريق في فهم الوحي الإلهيّ([57]). ولعل إنكارهم واستهجانهم لبعض المناهج الفقهيّة التي تتبنّى القياس والاستحسان ونحوهما([58])، وكذا رفضهم للانحرافات الكلاميّة، تأكيدٌ على ضرورة الاحتكام إلى السنّة عند ظهور الاختلاف في الأمّة([59])، بل إنّ وقوفهم في وجه البدع، وتعريفهم لهذه الظاهرة بكونها المصداق الكامل للضلالة والانحراف عن طريق الحقّ([60])، لعمري هو السلوك الفعّال في جعل السنّة تتصدّى أمور الدين لدى الأمّة، وطريقاً دائماً في إحياء السنّة النبويّة، وجعلها تتزعَّم الأمّة وتقودها نحو الحقّ، وتنجيها من الباطل والهلكة. وذلك هو سلوكهم وتعاملهم مع القرآن والسنة النبويّة. فهذا الإمام الصادق(ع) يقول في إحدى وصاياه المكتوبة إلى أصحابه: "وقال: أيّتها العصابة الحافظ الله لهم أمرهم، عليكم بآثار رسول الله(ص) وسنّته، وآثار الأئمة الهداة من أهل بيت رسول الله(ص) من بعده وسنّتهم؛ فإنّه مَنْ أخذ بذلك فقد اهتدى، ومَنْ ترك ذلك ورغب عنه ضلّ؛ لأنّهم هم الذين أمر الله بطاعتهم وولايتهم، وقد قال أبونا رسول الله(ص): المداومة على العمل في اتّباع الآثار والسنن وإنْ قلّ أرضى لله وأنفع عنده في العاقبة من الاجتهاد في البدع واتّباع الأهواء، ألا إنّ اتّباع الأهواء واتّباع البدع بغير هدىً من الله ضلال"([61]).
ومضافاً إلى ذلك فإنّ سيرتهم العمليّة كانت قائمةً على محوريّة القرآن والسنّة النبويّة، ومؤسَّسة عليها في جميع أبعادها. وكمثال على ذلك: لما وقعت حادثة جعل أمر الخلافة وسياسة الأمّة في ستّة أشخاص، وكان الشرط فيها أن يعمل بسيرة الشيخين، وجدنا الإمام عليّ(ع) يرفض كرسيّ الخلافة القائم على هذا الشرط، وقال(ع): إنّه إنّما يعمل بأوامر القرآن والسنّة النبويّة الشريفة، كما فهمها وتعلَّمها، كما أنّه(ع) في زمن خلافته كان في احتجاجه مع المخالفين يستند إلى السنّة النبويّة، ويحاجّهم بها، وبالقرآن، ولا يقدِّم عليهما شيئاً آخر.
4ـ الرجوع إلى الزعامة الدينيّة وإطاعة مرجعيّة أهل البيت
من خلال العديد من الأحاديث، ومن خلال استقراء للسيرة العمليّة لأهل البيت(ع)، يتبيَّن أنّهم ينظرون إلى كون القرآن والسنّة النبويّة المحور والقطب الذي يوجد أرضيّة الوحدة بين الفرقاء والمذاهب، والضابطة الرئيسية في معرفة الصحيح من غيره. لكنّ مجرّد التمسُّك بالقرآن والسنّة غير كافٍ، ولن يكون ذا جدوى، ما لم يتمّ الإقرار الرسميّ والاعتراف المبدئيّ بالضابطة المعرفيّة، والتي تعني التسلُّط الكافي على المعارف القرآنيّة، والإدراك التامّ لروح معاني الشريعة، حتّى يتمّ الفهم الصحيح، وبالتالي الامتثال الراشد، لمجموع تلك التعاليم. وإنّ القدر المتسالم عليه هو أنّ حصول هذه المعرفة والإحاطة الصحيحة بالمعارف القرآنيّة والتعاليم الدينيّة أمرٌ ليس في مقدور كلّ الناس، مع العلم أنّ النبي الأكرم(ص) لم يبيِّن كلّ جزئيّات الدين، وكلّ موارد الابتلاء بشكل سطحيّ([62])، ممّا يعني أنّ فهم السيرة النبويّة هو الآخر غير ميسَّر لكلّ الفئات والطبقات من الناس. ولعل هذا ما يفسِّر ظاهرة اختلاف الفرق الكلاميّة والفقهيّة. فحتّى مع ادّعائهما التمسُّك بالمصدرَيْن وفهم تعاليمهما واستنباط أحكامهما حصل بينهم الاختلاف، الذي يكشف عن الاختلاف في طبيعة فهمهم لها، وعدم إحاطتهم الإحاطة الواقعيّة والكاملة بتعاليمهما. وهي الظاهرة التي تكشف عن أن فهم القرآن والإحاطة بمعارفه، وكذا السنّة النبويّة، غير ميسَّر للجميع. وقد أرشد القرآن إلى هذا الواقع. ففي الوقت الذي دعا إلى التفكُّر والتدبُّر والتعقُّل والتزام التقوى والتخلُّق بأخلاق الإسلام؛ لأن هذا من شأنه أن يضيِّق رقعة الاختلافات الفكريّة والسياسيّة، نجده في المقابل يدعو إلى وجوب الرجوع إلى مَنْ يسمّيهم بـ "أولي الأمر"([63])، و"أهل الذكر"([64])، وضرورة ملازمة "الصادقين"([65]). والملفت في الأمر أن العديد من أحاديث أئمّة أهل البيت(ع) في دعوتها الناس إلى ملازمتهم كانوا يستشهدون ويستندون إلى هذه الآيات الشريفة([66])، بل الحديث عن مرجعيّة أهل البيت(ع) قد انطلق مع النبيّ الأكرم(ص)، الذي كان يوجِّه القوم إلى مكانة أهل البيت، والمتمثِّلة آنذاك في الإمام علي(ع)، حيث بيَّن للناس أنهم القدوة الحسنة التي أشار إليها القرآن ضمن العديد من الآيات، وأن وحدة الأمّة على المستوى النظريّ والعمليّ قائمةٌ على التمسُّك بسيرة وحديث أهل البيت(ع). فالنبيّ الأكرم(ص) وأهل البيت هما المصداق التامّ والكامل لأولي الأمر، ولأهل الذكر، والصادقين، القادرين ـ دون سواهم ـ على حلّ اختلاف الناس، ورفع سوء الفهم للقرآن والسنّة النبويّة الشريفة. والأمر لا يستدعي الاستشهاد بحديث "المنزلة"، و"باب العلم"، و"الغدير"، بل يكفي الرجوع إلى حديثي: "السفينة"؛ و"الثقلين"، لاستجلاء مكانة الأئمة من أهل البيت العلميّة والسياسيّة والاجتماعيّة، واستبيان مرجعيّتهم الدينيّة، وضرورة الاستفادة من علومهم ومعارفهم.
فطبق حديث "السفينة"، والذي عرّف أهل البيت(ع) بكونهم مثل سفينة النبيّ نوح(ع)، فإنّ هلاك النّاس ونجاتهم كما كان متوقِّفاً على ركوب سفينة نوح(ع) فكذلك أهل البيت(ع)، مَنْ سلك دربهم ونهل من علومهم وتهذب بأخلاقهم كان من الناجين، ومَنْ صدّ نفسه عنهم وصكّ آذانه عن سماع علومهم ومعارفهم أحاطته الهلكة، وكان حظّه الدرك الأسفل من النار وبئس القرار([67]). كما شبَّه أهل البيت(ع) في بعض الأحاديث بنجوم السماء، ومحل أمن الناس، التي إذا غاب منها نجم طلع الآخر، فاستنار به الناس في ظلمائهم، واستعلموا به مسيرهم([68])، والناس بهم يهتدون، كما بالنجم هم يهتدون.
وكذلك حديث "الثقلين"، وهو الذي اتَّفق على صحّة متنه الفريقين، ورووه بأسانيد متعدّدة، بلغ الرواة فيه من الصحابة 43 صحابياً، و200 راوٍ من الكبار والتابعين والعلماء الأجلاّء عند السنّة والشيعة([69])، وإذا لم يبلغ التواتر فإنّه بلغ الاستفاضة، هذا الحديث يكشف بما لا يبقى معه تردّد أو شكّ كون أهل البيت(ع) كهف الأمان ومنبع الوحدة، في كنفهم يؤمن الاختلاف، ويغلق الباب أمام كل نوع من الضلالة الفكريّة والسياسيّة، بل هم المحور في الفهم الصحيح للتعاليم والتشريعات الدينيّة بعد النبيّ الأكرم(ص). والأمر بالتمسُّك بالقرآن وبالعترة النبويّة إلى يوم القيامة، فهما لن يفترقا حتّى يردا حوض الكوثر([70]). وما دام القرآن مصوناً محفوظاً من التحريف والتغيير فبالالتزام بأئمة أهل البيت نكون مصونين عن كل أنواع التحريف والانحراف. إنّ المتَّفق عليه بين الفريقين في ما يخصّ حديث" الثقلين" أنّ أئمّة أهل البيت لهم الإمامة في الفقه وفي العلم([71]). ويرى أئمة أهل البيت التساوي بين ترك القرآن والسنّة والكفر. وكذا يرون أنّ التنكُّر لمرجعيّتهم وترك الاقتداء بهم وبأوامرهم هو السبب الأول والأهمّ في بروز ونشوء الاختلاف في الأمّة. فطريقهم ونهجهم هو الذي تحدَّث عنه القرآن بـ «حبل الله». والقرآن أمر بإعلان الحرب على كلّ مَنْ تخلَّف وترك هذا الحبل وأعلن الخروج عنه([72]). وتتحدّث عدّة روايات عن اختصاص أهل البيت بفهم المعارف القرآنيّة، وتمكّنهم منها بشكل لا يساوره الخطأ مطلقاً، وإحاطتهم الكاملة بالشريعة الإسلاميّة وتعاليمها([73]). ولم يكن هذا غريباً عنهم، خصوصاً إذا اطّلعنا على الأحاديث التي يبيِّنون فيها كونهم ورثوا هذه العلوم والمعارف عن جدّهم رسول الله(ص). فهم يصرِّحون بأنّ حديثهم هو نفسه حديث رسول الله(ص)، وأنّهم لم يحدثوا في الأمر شيئاً: "حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدّي، وحديث جدّي حديث رسول الله"([74]). فكلّ ما عند رسول الله وصل إليهم، قلباً عن قلب، ويداً بيد، سوى النبوّة والوحي، فهما من اختصاص رسول الله، دون العترة من أهل بيته([75]). كما أنّ دورهم في الجانب السياسيّ يمكن إدراجه تحت عنوان "ساسة العباد". وعموماً فإن القدر المتيقَّن منه في ما يخصّ خطاباتهم وأحاديثهم أنّها تتمحور حول كونهم المرجع الدينيّ و«المفترض الطاعة»، والتي يرجع إليها في أخذ تعاليم الدين وتعاليم الشرع المقدَّس. و هذا القول لا يقوم على مقارنة في الأحاديث الصادرة في شأن الإمامة، بل إنّ عدم انشغالهم بمقام الخلافة وعدم تحيُّزهم لطرف في المعادلة السياسيّة يبيِّن أنّ همّهم الأكبر كان إجراء تعاليم الدين وإرشاد العباد، وكونهم «مفترض الطاعة». ويُلاحظ ذلك منذ القرن الأوّل، وبالأخص زمن الإمامين الصادقَيْن‘، حيث مع مرور الزمان سعت كلّ فرقة ومذهب، بما في ذلك بعض الفرق التي تشعَّبت عن مدرسة الأئمّة(ع)، إلى إيجاد ما يصطلح عليه بالزعامة الدينيّة الخاصّة بكلّ واحد منها، وقد كان أئمّة أهل البيت(ع) يعملون على دعوة تلك الزعامات إلى التلمذة على يديها، والأخذ من مشربها العلميّ؛ من أجل توضيح مراد النبيّ الأكرم(ص)، وكذلك تفسير بعض الآيات، وتطبيق البعض الآخر على مفاهيم بعينها([76]). ولابدّ من الاعتراف بأنّ كلامهم وتعاليمهم لم تكن في مأمن من تدخُّلات الكذّابين، ووضع المغرضين ومن هم على شاكلتهم، حيث كانت الفئة المعارضة لمبدأ الوحدة بين كلّ مكوّنات الأمّة تشكِّل اليد الثانية في هذا العمل. لكنٍْ مع كلّ ذلك فمن مجموع الروايات التي تعرِّف بأهل البيت(ع)، وتتحدَّث عن سلوكهم وفكرهم، يتبيَّن لماذا كان التأكيد على التمسُّك بمرجعيّة أهل البيت(ع)؛ فهم المعدن الأصيل للعلوم والمعارف الدينيّة التي ورثوها عن رسول الله(ص)، ولأنهم من جهة أخرى المطهَّرين المعصومين عن الزلل والخطأ؛ ولكونهم من جهة أخرى المصداق الأكمل والأتمّ بعد رسول الله(ص) لـ «أولي الأمر»، و«أهل الذكر»، و«الراسخون في العلم»، و«الصادقون»، و«أهل البيت»، والعترة التي أوصى رسول الله بالحفاظ عليها والتشبُّث بها([77]). وفي الحقيقة فكلامهم هو وضع وتنفيذ وتطبيق لتعاليم رسول الله وتعاليم القرآن.
والحديث عن أئمّة أهل البيت(ع) باعتبارهم المصداق الأتمّ والأكمل للمرجعيّة الدينيّة حقيقة تتلقى شرعيّتها من القرآن أوّلاً، ومن السنة النبويّة ثانياً. كما أنّ شواهد متعدّدة من طرف علماء السنّة البارزين تجعل أئمّة أهل البيت؛ بلحاظ مرجعيّتهم ومكانتهم الدينيّة، في طول القرآن والسنة النبويّة الشريفة.نعم، قد يكون القدر المتَّفق عليه بين أهل السنّة والشيعة الإماميّة أن مرجعيّة أهل البيت تكمن في المسائل الدينيّة والعلميّة، لكن لا غبار على كون الاستناد والرجوع إليهم في الأمور السياسيّة والاجتماعيّة كفيلاً بنزع فتيل الاختلاف وإطفاء نار الفرقة والتمزُّق بين الفرقاء أبناء الأمّة الواحدة؛ وذلك لكون العديد من الأمور التي تؤدّي إلى إيجاد هكذا اختلاف إنّما مردّها إلى الفهم السيئ أو غير التامّ للأحكام والتعاليم الدينيّة، ولو ردوه إلى أهل البيت لكان فيه خلاصهم. والتاريخ السياسيّ والفكريّ للعترة الطاهرة(ع) أثبت أنّ تبيينهم وفهمهم للحقائق القرآنيّة وما يأتي في طولها كان هو الأصحّ، وهو الذي يؤدّي في الواقع إلى النجاة. وكم من علماء أهل السنّة وزعماء مذاهبها قد فهموا وأدركوا هذه الحقيقة، فجلس العديد منهم في حلقات درسهم، يشربون من معينهم الصافي. بل لقد شهد بصفاء معدن أئمّة أهل البيت أعداؤهم وجمعٌ من المخالفين لهم. ورغم كون الأمّة لم تضع أئمّة أهل البيت في المكان المناسب بهم، ولم يحصل لها التوفيق في الاستفادة منهم كما يجب وكما ينبغي أن يكون، إلاّ أنّ تأثيرهم في الجملة في الموروث الفكريّ والمعنويّ الإسلاميّ ظلّ حاضراً. ولا أحد يستطيع إنكار الاستفادة منه بشكل مباشر أو غير مباشر. ومضافاً إلى ذلك إذا تمّ رفض مرجعيّتهم الدينيّة والسياسيّة والاجتماعيّة فإنّ مجرّد الإبقاء في تفسير الآيات والأحاديث الصادرة فيهم على كونها إنّما تقتصر على محبّتهم ومحاباتهم([78]) كفيلٌ بلعب دورٍ بارز في توحيد الأمّة، ولمّ شتاتها.
إنّ التحقيق والبحث في موضوع دور الأئمّة في تبيين الموروث الدينيّ والتعاليم القرآنيّة والسنة النبويّة، والدفاع عنها في عرصات الكلام، والحقوق، والأخلاق والعرفان، وسعيهم في تربية مجموعات من الشخصيات العلمائية والدينيّة ذات العيار الثقيل، موضوعٌ يحتاج إلى بحث مستقلّ، وهو أمرٌ لا يتَّسع له مقالنا هذا. إلاّ أنّ هذا لا يمنع من الإشارة إلى كون هذا الموروث قد جاء ضمن قوالب خاصّة في الأحاديث الكلاميّة، والعرفان، وضمن التفسير، والأخلاق، والمحاججات والمناظرات التي كانت تعقد، سواء بطلب من الأئمة أنفسهم أو من خلال تلك التي كان يدعو إليها السلاطين. وبالطبع فإنّ ما وصلنا من أحاديث مستقلّة في الكلام، والعرفان، والفقه السياسيّ والعبادي، وما يختصّ بالتشيُّع الإماميّ، لم يكن إلاّ حصيلة ما بذله الأئمّة أنفسهم، وتلامذتُهم المخلصون، من جهدٍ في الحفاظ على هذا الإرث المعرفيّ، وإيصاله إلينا جيلاً بعد جيل. ونحن في ختام هذا المقال سنحاول درج فهرسة لأهمّ خطواتهم في هذا الميدان:
1ـ نشر الأحاديث والسنّة النبويّة، والتفسير الصحيح للقرآن، والكشف عن المعايير والضوابط الضروريّة في هذا الفهم.
2ـ محاربة الإسرائيليات، والخرافات، والبدع الدينيّة، ووضع الحديث.
3ـ تبيين وتعزيز التعاليم الروحيّة والعرفانيّة الإسلاميّة، وتربية فئة خاصّة من الصحابة ومن الأتباع ذوي السلوك الشيعيّ الصحيح.
4ـ تبيين نظام فقهيّ وحقوقيّ، مع تبيين المصادر الأصيلة للشريعة الإسلاميّة السمحاء.
5ـ الوقوف في وجه البدع والانحرافات الكلاميّة، نظير: الغلو والغلاة، والتجسيم والتشبيه، والجبريّة، إلى جانب محاربة فكر الخوارج، وبدعة الإرجاء.
** أستاذٌ مساعد في جامعة الأديان والمذاهب.
الهوامش
([27]) كنـز العمّال 2: 290، ح4029.
([28]) نهج البلاغة، الخطبة 127.
([29]) لمزيد من الاطلاع: أصول الكافي، ج1، باب الردّ إلى الكتاب والسنّة، وأنّه ليس شيء من الحلال والحرام وجميع ما يحتاج الناس إليه إلاّ وقد جاء فيه كتاب أو سنّة».
([30]) المصدر السابق 1: 59، ح1.
([31]) المصدر نفسه، ح2. وبناء على بعض الرويات الأخرى فإنّ النبيّ الأكرم| قد شخَّص للناس وعرَّفهم على المعلّمين والمفسِّرين المحيطين بمجموع تعاليم القرآن.
([32]) لمزيد من الاطلاع راجع: جامع أحاديث الشيعة 1: 188، 199.
([33]) أصول الكافي 1: 60.
([34]) بحار الأنوار 92: 27.
([35]) المصدر السابق 2: 242.
([36]) نهج البلاغة، الخطبة 183.
([37]) المصدر السابق، الخطبة 186.
([38]) المصدر السابق، الخطبة 167.
([39]) المصدر السابق، الخطبة 156.
([40]) المصدر السابق، الخطبة 188.
([41]) المصدر السابق، الخطبة 125.
([42]) غرر الحكم ودرر الكلم، الحكمة1985.
([43]) المصدر السابق، الحكمة1986.
([44]) نهج البلاغة، الخطبة 176.
([45]) أصول الكافي 2: 60، ح5، 6.
([46]) بحار الأنوار 92: 14.
([47]) المصدر نفسه.
([48]) انظر: وسائل الشيعة 18، الأبواب 5، 6، 9 من أبواب صفات القاضي.
([49]) الميزان في تفسير القرآن 3: 82.
([50]) آل عمران: 159.
([51]) كمثال: المائدة: 21؛ الأنفال: 1، 20، 24، 46؛ النجم: 5، 6؛ الجنّ: 32.
([52]) النساء: 59، 83؛ الأنفال: 46؛ الحشر: 7.
([53]) للاطلاع أكثر راجع: أصول الكافي 1: 59 وما بعدها؛ دعائم الإسلام 2: 535.
([54]) أصول الكافي 1: 70؛ وسائل الشيعة 27: 129.
([55]) مستدرك الوسائل 17: 258.
([56]) جامع أحاديث الشيعة 1: 204 ـ 205.
([57]) وسائل الشيعة 27: 129.
([58]) جامع أحاديث الشيعة 1: 368.
([59]) المصدر السابق: 200 ـ 201.
([60]) أصول الكافي 1: 71.
([61]) المصدر السابق 8: 2.
([62]) الشيخ مطهري، الإمامة والزعامة: 52 ـ 54.
([63]) النساء: 59، 83.
([64]) النحل: 43.
([65]) التوبة: 119.
([66]) كمثال: ما جاء في خصوص الآيات في تفسير الصافي ونور الثقلين.
([67]) الصواعق المحرقة: 184.
([68]) جامع أحاديث الشيعة 1: 34 ـ 35؛ ينابيع المودة: 94.
([69]) جامع أحاديث الشيعة 1: 36 ـ 112؛ الصواعق المحرقة: 230؛ المستدرك 3: 359.
([70]) الصواعق المحرقة: 230؛ المستدرك 3: 359.
([71]) الإمام الصادق×: 199.
([72]) كمثال: وسائل الشيعة 18: 24، 45.
([73]) جامع أحاديث الشيعة: 230 ـ 231، 268، 53.
([74]) جامع أحاديث الشيعة 1: 32 ـ 42.
([75]) أصول الكافي 1: 268، 270.
([76]) انظر: جامع أحاديث الشيعة، ج1، روايات الباب 1 إلى الباب 8.
([77]) للاطلاع أكثر راجع: محمد محمدي الريشهري، أهل البيت في القرآن والحديث، الفصل الثالث إلى السادس.
([78]) الشورى: 23؛ الأحزاب: 33؛ الإسراء: 26.