وفيما يخشى مراقبون أن يؤدي التنافس على زعامة الحزب إلى نزاع مسلح بين هذه العوائل، ترجح الأوساط السياسية أن يظل الصراع بينها "سياسي وبارد"، بسبب شبكة المصالح الاقتصادية التي تربطها ببعضها البعض.
والاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يشكل ثاني أكبر قوة سياسية في إقليم كردستان، ويتقاسم السلطة والامن والنفوذ والاقتصاد مع حليفه الحزب الديمقراطي الكردستاني، دخل مرحلة جديدة من صراع الاجنحة والعوائل بعد رحيل زعيمه قبل شهرين، لاختيار قيادة جديدة، ورسم ملامح سياسته العامة، وسط ترقب ورهان على المؤتمر العام الذي من المقرر ان ينعقد بحلول الربيع المقبل، وفق التصريحات الصادرة عن قيادات الحزب.
ويورد تقرير تحليلي لصحيفة "آوينة"، الناطقة باللغة الكردية، ان "الحزب، ذا الخلفية اليسارية، والقريب حاليا من اليسار الديمقراطي، يتجه الى الدوار في فلك أكثر من عائلة سياسية، من دون تمكن اي منها من حسم الموقف لصالحها والانفراد بزعامة الحزب، ومن دون استعداد الاخرين للخروج منه ان القبول بالاستسلام".
ووفقا للخارطة الحزبية المعتمدة، تتنافس ثلاث عوائل رئيسية للهيمنة على زعامة الاتحاد الوطني.
والعائلة الأولى، هي عائلة "ابراهيم احمد"، والد عقيلة طالباني التي ترى نفسها الوريث الشرعي للحزب، لأن "والدها هو أول من زرع بذرة الاتحاد الوطني عبر صهره جلال طالباني، وأول من نظّر للانشقاق عن عائلة بارزاني منتصف الستينات حينما كانت في أوج قوتها ونفوذها". وفضلا عن هيرو إبراهيم، عقيلة طالباني، يبرز في هذه العائلة، كل من "شاناز ابراهيم"، وشقيقها "هلو ابراهيم"، اللذين يمتلكان صنعا قاعدة جماهيرية بسبب حدة انتقاداتهم للحزب الديمقراطي الكردستاني، المهيمن على مفاصل الحكم في اقليم كردستان.
والعائلة الثانية، التي تنافس على زعامة الاتحاد الوطني الكردستاني، هي عائلة طالباني، التي يعتمد أبناؤها على الرأسمال السياسي الكبير للزعيم الراحل جلال طالباني، الذي كان المؤسس والزعيم العملي للاتحاد منذ تاسيسه عام ١٩٧٦ حتى وفاته في ٢٠١٧. وتتخذ هـذه العائلة من منطقة دباشان في مدينة السليمانية مقرا لها، بالقرب من مثوى طالباني الاخير. ويمثلها كل قوباد وبافل، نجلا طالباني، وسط مؤشرات على محاولتهما منع التشرذم السياسي والعائلي داخل الاتحاد والانفراد بالقرارات على شاكلة عهد طالباني الذي كان المرجع الاول والاخير لمفاصل القرار في الحزب، رغم وجود ادوار ثانوية للمكتب السياسي وباقي المؤسسات. لكن هذه العائلة تواجه انتقادات من اوساط الحزب الجماهيرية وحتى من حلفائها في حركة التغيير بسبب اشتراك قوباد طالباني في حكومة نيجيرفان بارزاني التي تعاني من ازمات مالية وسياسية صعبة.
والعائلة الثالثة، هي عائلة جنكي طالباني، التي يجمهعا رابط العمومة مع عائلة جلال طالباني، وتتميز عن غيرها بمواجهتها الشرسة لنفوذ عائلة بارزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، مع الثناء والتودد للارث السياسي لزعيم التغيير الراحل نوشيروان مصطفى ما اكسب أبناءها تعاطفا وقبولا في الاوساط الجماهيرية بالسليمانية، فيما تتطور علاقة هذه العائلة بالسياسي الكردي البارز، برهم صالح، الذي يتمتع بقبول وتعاطف شعبي. ويمثل هذه العائلة القيادي الأمني لاهور جنكي طالباني، اضافة الى اخوته الاربعة.
وفضلا عن هذه العوائل، تقاتل عائلة نائب الامين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، كوسرت رسول، من اجل البقاء في صدارة المشهد وتامين مستقبلها السياسي. ومن أبرز الوجوه في عائلة رسول، ابناه "شالاو" و"درباز"، اللذين تعرض والدهما لأزمة صحية ادخل على اثرها للمستشفى في المانيا. وتتفهم عائلة كوسرت رسول انها تعجز عن مواجهة نفوذ العوائل الثلاثة الأخرى، التي تتمتع بـ "شرعية المنطق القبلي"، وواقع "النفوذ السياسي والاقتصادي"، لذلك ربما تميل إلى التفاهم معها أو إحداها، لضمان دور مؤثر دخال الاتحاد الوطني الكردستاني، مستفيدة من التاريخ النضالي لرسول وسط جمهور الاتحاد في مدينة اربيل واطرافها.
ويسلط تقرير الصحيفة الكردية الضوء ايضا على ضعف دور الهيئات القيادية الحزبية داخل الاتحاد الوطني الكردستاني، فيما لو انفصلت عن هذه الخارطة العوائلية، استنادا إلى حقيقة أن ولاءات قيادات الحزب موزعة بين هذه العوائل.
وخارج الحزب تدور اسئلة بشأن مصير التنفاس بين هذه العوائل ومدى قدرة احداها على اخراج الأخرى من المشهد، لا سيما فيما لو تمكن الحزب من تعيين احد ابناء طالباني امينا عاما له، خلفا لوالده، وفقا لما تتداوله أوساط إعلامية.
ويتداول مراقبون مخاوف بشأن إمكانية أن يؤدي التنافس بين هذه العوائل الثلاثة، إلى صدام مسلح، في ظل امتلاك كل منها أدوات عسكرية مؤثرة، فضلا عن النفوذ والمال، وسط ترجيحات ببقاء "التنافس سياسيا وباردا، بسبب شبكة المصالح الاقتصادية التي تشترك فيها هذه العوائل، واعتياد جماهير الاتحاد الوطني على تعدد المنابر والتوجهات، داخل الحزب، حتى في حياة جلال طالباني نفسه.