حميد حلمي زادة**
في ذكرى عيد ميلاد سيد البشر النبي الاعظم محمد بن عبدالله (صلي الله عليه وآله وسلم)، وبمناسبة الاحتفال بوحدة الاسلامية'>اسبوع الوحدة الاسلامية (12 ـ 17 ربيع الاول) للعام 1434 هجري، يتعين علينا قبل كل شيء معرفة ان الرسالة التي بعث بها خاتم الانبياء والمرسلين (عليهم السلام)، انما انطلقت لتغيير الخرافات والمغالطات والانحرافات التي رانت على قلوب الناس بفعل الضغوط والايحاءات الاستغلالية لـ "أصحاب القوة والذهب".
فالمستكبرون شجعوا البسطاء والمحرومين على التعبد بالوثنية والاصنام مع انها كانت من صنع ايديهم، ومع انهم كانوا يدركون بانها لا تنفع او تضر، وعلى الرغم من ان فطرتهم الانسانية السليمة هي مجبولة ــ اساسا ــ على عبودية الاله الواحد الاحد تبارك وتعالى.
وبما ان الرسالة السماوية التي صدع بها نبينا العظيم(ص)، جاءت لاخراج الناس كافة من الظلمات الى النور، فانه بذل مع الجبابرة والسلطويين ومع من يعتبرون انفسهم أسيادا وأعلى درجة من الفقراء والمستضعفين والعبيد، جهودا مضاعفة على مستوى الهداية والارشاد والتقويم، وهو امر طبيعي في عالم تسود فيه ثقافة السيطرة والعلو والعصبية ، وتكديس الذهب والفضة بالطرق المشروعة وغير المشروعة ، فضلا عن الاستخفاف بكرامة الانسان وامتهان المرأة، وكلهم اولاد ابينا آدم(عليه السلام) وآدم من تراب.
ورغم ان المؤمنين الاوائل واجهوا اقسى اشكال الاضطهاد والظلم والتنكيل والتشريد من قبل زمرة المتجبرين، الا انهم كانوا يتحملونها اسوة بالرسول الاكرم محمد (ص) الذي كان عليه ان يقاوم على جبهتين اثنتين؛ هما جبهة زعماء السلطة والمال ، وجبهة المنظرين لسلوكياتهم القمعية من اليهود والمنافقين الذين اعتبروا الدعوة النبوية الشريفة نسفا لكل اطروحاتهم التضليلية ومطامعهم الجشعة.
وفي مواجهة هذا التآمر المشؤوم لم يزدد النبي والمؤمنون المخلصون الا اصرارا وثباتا وجهادا، ولم يبخلوا بأيِّ شيء من اجل اعلاء كلمة الله عزوجل، ودحض الباطل ورموزه ومظاهره، الى ان انتشر الاسلام في انحاء الارض، وهاىهو يمضي قدما في مسيرته النهضوية الواعية منذ نحو 15 قرنا انطلاقا من قوله تعالى (محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم.)
واقع الامر ان هذه الاية القرآنية المباركة تختزن الكثير من القيم والمعاني والدلائل العملية الايمانية والانسانية التي يفترض ان تسود العلاقة بين الفرد المسلم واخوته في الايمان، بل بينه وبين البشرية كافة. فكما قال الامام علي (عليه السلام): (الناس صنفان، اما أخ لك في الدين، او نظير لك في الخلق.)
ولاشك في أن من ينجح في الانفتاح على الاخر مهما اختلفت مشاربهم وعقائدهم، سيكون موضعا للاهتمام والترحيب في آن معا، كما ان دعوته الى الدين الاسلامي الحنيف وتعاليمه السمحاء ستلقي التجاوب المحمود طال الزمن أو قصر.
لكن هذه الرسالة لن تحقق اغراضها النبيلة حتى يكون الانسان المؤمن (محمديا) بكل معنى الكلمة ومثلما جاء وصفه (ص) في القرآن الكريم:}وانك لعلى خلق عظيم} {وما ارسلناك الا رحمة للعالمين} {لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}.
مما مضى يتضح ان الانسان المؤمن لا يستطيع ان يكون بمستوي هذه الرسالة السامية، الا اذا اتصل بمنهل الرسول الاعظم محمد(ص) قلبا وقالبا، وعليه ينبغي ان يحافظ على ذمم ابناء امته عملا بالحديث النبوي الكريم: (كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه)
لكن مما يؤسف له ان أباطرة القوة و المال والاعلام من الغربيين والصهاينة والخليجيين (السعوديين والاماراتيين) ، باتوا يستخدمون الناس البسطاء ممن تم إغواؤهم والتغرير بهم عبرالافكارالمنحرفة والعقائد المتطرفة وتزويدهم بالاسلحة التدميرية والمعلومات الاستخبارية والتوجيهات اللوجستية ، ليكونوا سيفا مصلتا فوق رؤوس ابناء الامة، وكأن قدرهم ان يدفعوا ضريبة تمسكهم بالاسلام المحمدي الاصيل تضحيات تلو اخرى، وسوقهم رغما عنهم الى حيث تشتهي سياسات الطواغيت والمستكبرين لاسيما اميركا و"اسرائيل".
وعند هذه المرحلة وفي ذكرى مولد سيدنا الهادي البشير(ص)، فاننا مدعوون بإلحاح الى تقييم تلك المجموعة من السلوكيات المضادة للاخلاق النبوية العظيمة ومكافحتها ، والتأكيد ــ قولا واحدا ــ على ان ممارسات كالطائفية والتكفير وسفك دماء الابرياء وإشاعة الخوف والإرهاب والتخريب وانتهاك الاعراض في بلداننا ومناطق اخرى من العالم ،إنما هي نابعة من الجهل والضلالة، و ليست من الإسلام في شيئ أبدا، بل هي مرفوضة كليا حتى في المجتمعات البدائية ، إضافة الى أنها تشكل تحديا في غاية الخطورة للوحدة الاسلامية ومقومات الألفة والتضامن والتكاتف، وتبديدا لكل الجهود والمؤتمرات العلمائية والفكرية الاقليمية و الدولية التي انجزت لتعزيز التلاحم الاسلامي – الاسلامي ، وتقليص الفواصل في ما بين أبناء امة الحبيب المصطفي محمد (ص).
**كاتب و شاعر
المصدر: الموقع الإعلامي لضحايا الإرهاب