الوحدة الوطنية قناع لتكوين عبدة الطاغوت (14)

الثلاثاء 28 نوفمبر 2017 - 13:08 بتوقيت مكة
الوحدة الوطنية قناع لتكوين عبدة الطاغوت (14)

نستطيع أن نُعَرِّف الوطن في اللغة والعرف بأنه (المكان والبلد الذي اتخذه الإنسان مقرَّاً للإقامة الدائمة، أو شبه الدائمة باللبث الطويل.والوطن أمر عرفي وتحققُ مصداقٍه خاضعٌ للسكن؛ وتحقق حدودٍه خاضعةٌ للعمران السكني.

الوحدة الوطنية قناع لتكوين عبدة الطاغوت(14)

«السابع عشر» معنى الوطن في اللغة والعرف:

في البدء؛ ما معنى الوطن في اللغة والعرف؟

نستطيع أن نُعَرِّف الوطن في اللغة والعرف بأنه (المكان والبلد الذي اتخذه الإنسان مقرَّاً للإقامة الدائمة، أو شبه الدائمة باللبث الطويل) كما جاء في كتب اللغة التالية: معجم لغة الفقهاء لمحمد قلعجي، ومعجم ألفاظ الفقه الجعفري للدكتور أحمد فتح الله، وكتاب العين للخليل الفراهيدي، والصحاح للجوهري، ولسان العرب لابن منظور، ومختار الصحاح لمحمد بن عبد القادر، ومجمع البحرين للشيخ الطريحي، وتاج العروس للزبيدي والقاموس المحيط للفيروز آبادي.

الاستيطان، الوطن، التوطن:

* الاستيطان: من وَطَنَ وهو اللبث الطويل والإقامة الدائمة أو شبه الدائمة في مكان ما.

* الوطن: البلد والمنزل الذي يقيم به الإنسان ويعيش فيه، وهو منزل الإقامة والمكان والمحل والموطن الذي يسكن فيه الإنسان، وكل بلد استوطنه الإنسان: أي اتخذه مستقراً دائمياً أو شبه دائمي لنفسه فهو وطن له، والجمع أوطان. ووطن بالمكان: يطن وطنا وأوطن أقام، وأوطنت الأرض: إيطاناً ووطنتها توطيناً، واستوطنتها واتطنها: أي اتخذتُها وطناً ومحلاً ومسكناً أقيم فيها، وكذلك الاتطان: وهو افتعال منه. وأوطان الغنم والبقر: مرابطها ومرابضها وأماكنها التي تأوي إليها، وهو مجاز، قال الأخطل:

كروا إلى حرتيكم تعمرونهما كما تكر إلى أوطانها البقر

والمِيطان، بالكسر: الغاية، يقال: "من أين ميطانك" أي غايتك. والميطان: الموضع الذي يوطن لترسل منه الخيل في السباق، وهو أول الغاية، والميتاء والميداء آخر الغاية. والمِيطان: هو المَيدان، وجمعه مياطين. ومَيطان بالفتح: من جبال المدينة لمزينة وسليم. والمَوطن: مفعل منه، والمَوطن كالمجلس وهو الوطن أو المنشأ، أو المكان، أو النقطة. والموطن يسمى به المشهد من مشاهد الحرب، وجمعه المَواطن كالمشاهد والمجالس. والمواطن من الحرب: مشاهدها. وفي التنزيل: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ}.. ومنه الحديث: «أصدق الناس من صدق في المواطن» وقال طرفة:

على موطن يخشى الفتى عنده الردى متى تعترك فيه الفوارس (الفرائص) ترعد

والمواطن: كل مقام قام به الإنسان لأمر فهو موطن له، كقولك: "إذا أتيتَ فوقفتَ في تلك المواطن فادعُ اللهَ لي ولإخواني".

وفي صفته صلى الله عليه وآله وسلم: «كان لا يوطن الأماكن» أي لا يتخذ لنفسه مجلساً يُعرف به، و «أنه نهى عن إيطان المساجد» أي اتخاذها وطنا. و «أنه نهى عن أن يوطن الرجل في المكان بالمسجد كما يوطن البعير» ومعناه أن يألف الرجل مكاناً معلوماً من المسجد مخصوصاً به يصلي فيه كالبعير لا يأوي من عطنٍ إلا إلى مبركٍ دمثٍ قد أوطنه واتخذه مناخاً.

ومواطن مكة: مواقفها. مواطن التحلل: أعمال الحج التي بعدها يحل للمحرم كل ما حرم عليه بالإحرام، وهي ثلاثة:

* الأول: عقيب الحلق أو التقصير، فيحل كل شيء إلا الطيب والنساء للرجال، والرجال للنساء، والصيد.

* والثاني: بعد طواف الزيارة وركعتيه والسعي فيحل له الطيب.

* والثالث: بعد طواف النساء وركعتيه فيحل للرجل النساء وللنساء الرجال.

مواطن النُزَّال: المواطن المعدة لنزول القوافل والمترددين. واطنه على الأمر: أضمر فعله معه، وواطنت فلاناً على هذا الأمر، أي: جعلتما في أنفسكما أن تعملانه وتفعلانه، فإذا أردت: وافقتُه قلتَ: واطأتُه. وأصل التوطين والتوطن اتخاذ الوطن، ثم تجوز به عن عدم القلق والضجر. وتوطين النفس تمهيدها، وتوطنها: تمهدها. فتوطين النفس على الشيئ: كالتمهيد لها. وطن نفسه على الشيئ وله فتوطنت: حملها عليه فتحملت وذلت له، قال كثير:

فقلت لها: يا عز كل مصيبة إذا وطنت يوما لها النفس ذلت

ومما يستدرك عليه : اتطنه: أقام به، افتعل من الوطن. وتوطنه وتوطن به لازم متعد.

«الثامن عشر» معنى الوطن في المصطلح الشرعي:

ما الوطن في الاصطلاح الشرعي عند الفقهاء؟

ليس للفقهاء تعريف شرعي خاص للوطن، وحينما يحكمون بأن المرور على الوطن قاطع للسفر، وموجب للتمام؛ إنما يعتمدون التعريف اللغوي العرفي للوطن: وهو المكان الذي يتخذه الإنسان مسكناً ومقراً له دائماً أو لمدة مديدة كعشرين سنة أو حتى سنتين.

ويعتبر في صدق الوطن الإقامة فيه ستة أشهر، أو شهراً، أو أقل، بل يصدق - على رأي - حتى بالنية وتهيأت وسائل الإقامة كتأثيثه.

إذاً الوطن اصطلاحا هو: البلد الذي يخص الإنسان بأحد الأنواع أو الأوجه التالية:

أ. وطن أصلي وهو قسمان:

1- البلدة التي هي وطنه تأريخياً، أي مسكن أبويه وعائلته وتكون مسقط رأسه عادة، وحينما يراد أن ينسب إلى بلدة عرفا ينسب إليها.

2- البلدة التي يقيم فيها إقامة دائمة ويتخذها وطناً له ومقاماً مدى الحياة، فالإنسان الذي يقرر الهجرة إلى بلدٍ ما والإقامة فيها بقية حياته، تكون هذه البلد وطناً له.

ب. وطن إقامة: وهو البلدة التي يتخذها مقراً له من غير أن يقيم فيها إقامة دائمة. وإنما نوى الإقامة فيها مدة مؤقتة من الزمن ولكنها مدة طويلة نسبياً، كالطالب الجامعي الذي يتخذ المدينة التي فيها الجامعة مقراً له مدة دراسته التي تستغرق مدة طويلة نسبياً، وهكذا الموظف الذي يتخذ البلد التي فيها الوظيفة مقراً له مدة وظيفته التي تستغرق مدة طويلة نسبياً.

ج. وطن سُكْنَى: البلد المؤقت الذي يقيم فيه مدة غير طويلة أو لا تُعرف المدة التي يقضيها في ذلك البلد، وفيه بيت وسكن من لا وطن له كحال الموظف المتنقل حسب ما تفرضه عليه وظيفته.

فتاوىوأحكام شرعية عن الوطن:

* إذا أعرض عن وطنه الأصلي أو المستجد وتوطن في غيره زال عنه حكم الوطنية، أما إذا كان له فيه ملك وقد سكن فيه مدة من الزمن بعد اتخاذه وطناً له فهو بحكم الوطن العرفي وإن أعرض عنه، ويسمَّى بالوطن الشرعي؛ وعلى رأي أن الوطن الشرعي غير ثابت، لما مرّ سابقاً من أنه ليس للفقهاء تعريف شرعي خاص للوطن.

* يمكن تعدد الوطن العرفي بأن يكون له منزلان في بلدين أو قريتين من قصده السكنى في كل منهما مدة من السنة، بل يمكن ثلاثة منازل بل لا يبعد الأزيد.

* يزول حكم الوطنية بالإعراض والخروج وإن لم يتخذ وطناً آخر فيمكن أن يكون بلا وطن مدة مديدة.

* ومن خلال ما مضى يكون للوطن حدود جغرافية محدودة جداً، وضيقة أيضاً، وهي خاضعة للعلاقات الاجتماعية، والعمران السكني فقط؛ وعليه فالإنسان الذي يسكن في مدينة صفوى مثلاً لا تكون العوامية فضلاً عن القطيف أو الدمام أو الخبر أو الرياض أو جدة أو غيرها وطناً له إلا إذا اتخذها سكناً ومقراً له بالشروط السابقة.

وفي المقابل إذا استوطن الإنسان أي اتخذ بلداً ما سكناً ومقراً له سواء للدراسة أو العمل أو أي شيء آخر بالشروط السابقة؛ وسواء كان في بلد عربي أو إسلامي أو غربي أو شرقي أو أي بلدٍ ما على هذه الأرض يكون هذا البلد وطناً له ولو كان البلد في الفاتيكان.

فالوطن أمر عرفي وتحققُ مصداقٍه خاضعٌ للسكن؛ وتحقق حدودٍه خاضعةٌ للعمران السكني.

للبحث تتمة...

المصدر: موقع الكاتب

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 28 نوفمبر 2017 - 10:23 بتوقيت مكة