د. حسن نافعة يكشف خفايا مجزرة مسجد “الروضة” بمصر

الأحد 26 نوفمبر 2017 - 11:10 بتوقيت مكة
د. حسن نافعة يكشف خفايا مجزرة مسجد “الروضة” بمصر

مصر _ الكوثر: قال د. حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية  في جامعة القاهرة  إن تمكن العناصر الإجرامية من ارتكاب  مجزرة  مسجد ” الروضة ” يكشف قصورا واضحا في أداء الأجهزة الأمنية, خصوصا وأن الجريمة وقعت في منطقة مواجهة مع الإرهابيين, أو في مكان لا يبعد كثيرا عن ساحة المواجهة المباشرة, وبالتالي فإنه كان ينبغي على الأجهزة الأمنية, مهما تكن محدودية كفاءتها الفنية, أن تضع هذا المسجد وما شابهه من أماكن عامة, خصوصا أثناء صلوات الجمع والأعياد, في نطاق الأهداف الرخوة التي يسهل استهدافها من جانب الجماعات الإرهابية.

وأضاف نافعة أن ترك  تلك الأماكن  بدون حراسة يعد إهمالا أمنيا واضحا وتعبيرا عن ثغرات أمنية يتعين محاسبة المسؤولين عنها، مشيرا الى أن ثمة دلالات  لما وقع يوم الجمعة الماضي تتجاوز بكثير هذه الجوانب الفنية المتعلقة بكيفية وقوع هذا الحادث نفسه وما كشف عنه من قصور في الخطط الأمنية.

 وقال نافعة إن تنوع الحوادث الإرهابية في مصر, وتمكن المنظمات الإرهابية من استهداف ليس فقط المدنيين والمصليين في المساجد والكنائس وإنما أيضا رجال الشرطة والقوات المسلحة، وتزايد معدلات وقوع هذه الجرائم هي أمور كاشفة تماما لعجز النظام عن حماية مواطنيه، مدنيين كانوا أم عسكريين، مسييحين كانوا أم مسلمين، مشيرا الى أن العجز هنا لا يتعلق بقصور الخطط الأمنية أو نقص الكفاءة الفنية وإنما هو نتيجة لافتقاد الرؤية السياسية وقصور السياسات المطبقة في كافة المجالات والنواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وغيرها.

 وقال نافعة  إن المجزرة التي ارتكبت في مسجد قرية الروضة في بئر العبد غرب العريش تستدعي تعليقا ثلاثي الأبعاد. الأول: يتعلق بالجماعة الإرهابية التي ارتكبت هذه المجزرة, والثاني: يتعلق بالنظام السياسي المصري باعتباره المسؤول عن حماية مواطنيه، والثالث: يتعلق بالمجتمع الذي كتب عليه أن يدفع ثمنا غاليا لتلك الجرائم التي لا تبدو لها نهاية في الأفق.

وتابع أستاذ العلوم  السياسية  الشهير: “ففيما يتعلق بالبعد الأول: يلاحظ أن أيا من الجماعات الإرهابية لم يعلن مسؤوليته عن تلك المجزرة, ربما بسبب بشاعة الجريمة التي وقعت وإحساس التنظيم الذي ارتكبها بأن إعلان مسؤوليته عنها سيجلب عليه من الكراهية والسخط أضعاف أضعاف ما قد يجلب له من الرضا أو التأييد والولاء, حتى من جانب أشرس المعارضين للنظام الحاكم واشدهم كراهية له.

 فتلك هي المرة الأولى التي تقوم فيها إحدى الجماعات الإرهابية باستهداف مسجد وقتل المصلين فيه بدم بارد, بما فيهم الصغار والأطفال, بتعمد وسبق إصرار, نظرا لأن الهدف الوحيد من هذه العملية كان قتل أكبر عدد من الأفراد, أيا كانت عقيدتهم أو دينهم أو مذهبهم أو طائفتهم أو درجة رشدهم وإدراكهم. “.

وتابع د.نافعة : “ولست متأكدا مما إذا كان تنظيما بعينه بصدد إعلان مسؤوليته عن ارتكاب تلك المجزرة خلال الساعات القادمة أو في المستقبل، فلم يعد ذلك أمرا مهما، لأن البقر تشابه علينا، فكل من يحمل السلاح ويمارس قتل المدنيين إرهابي يتعين مواجهته بالسلاح ولا يستحق سوى القتل إعمالا لمبدأ القصاص.

 ولا شك أن هذه الجريمة تقدم إثباتا إضافيا ومدويا أن الكل مستهدف، لا فرق في ذلك بين مسلم وقبطي، أو بين مسلم سني ومسلم شيعي” .

 واستبعد نافعة الأطروحات القائلة بأن المسجد تم استهدافه لأنه تابع لجماعة للتيار الصوفي أو لطريقة صوفية بعينها, ولا  القول  بأن الجريمة ارتكبت في إطار عملية انتقام قبلي أو لتصفية صراعات قبلية بعينها تدور حول موقف القبائل السيناوية من التعاون مع النظام الحاكم ، مشيرا الى أن الهدف كان  إثبات أن الجماعات المسلحة لا  تزال موجودة وقوية, وأن ذراعها طائلة وقادرة على الضرب في أي وقت وفي أي مكان, وبالتالي إثارة الذعر في كل أرجاء البلاد اعتقادا منها بأن ذلك سيساعد على إصابة البلاد بالمزيد من الشلل، ومن ثم سيسارع بدوران عجلة إسقاط النظام الحاكم.

واعتبر  نافعة أن  هذه الاستراتيجية فاشلة ، وستؤدي إلى نتائج معاكسة تماما وستساعد على خلق حالة من الكراهية الشديدة لكي من يحمل السلاح ليقتل بهذه الطريقة وحتى ولو كان السبب المعلن هو التصدي لنظام جائر.

وقال نافعة إنه  ما لم يغير النظام من سياساته أو حتى من بنيته نفسها، فسيفشل فشلا ذريعا على كل الجبهات، مشيرا الى أن  النظام الحاكم  لن يفشل تحت وقع ضربات الإرهاب أو بسببها, ولكن بسبب قصور سياساته وإصابته بعمى الألوان ، مشيرا  الى أن سياساته تساعد الجماعات الإرهابية على تحقيق أهدافها.

قوتان فاشيتان
وفيما يتعلق بالبعد الثالث ، قال نافعة  إن نجاح الجماعات الإرهابية في ارتكاب هذه المجزرة البشعة يؤكد من جديد أن المجتمع المصري بات محشورا بين قوتين فاشيتين, الأولى تستغل سطوة الدين على العقول والقلوب لتتمكن من إحكام قبضتها وفرض سيطرتها عليه بقوة السلاح, والثانية تستغل قوة مشاعره الوطنية وحرصه على سلامة الدولة لتتمكن من إحكام قبضتها وفرض سيطرتها اعتمادا على سطوة الأجهزة الأمنية وقدرتها على اغتيال الحياة السياسية وخنق المجتمع المدني.

وقال نافعة إن  من يراقب أداء النظام السياسي يمكنه أن يلحظ بسهولة أن النظام الذي يحكم مصر حاليا لا يحارب الإرهاب والجماعات الإرهابية فقط وإنما يحارب كل فكر مختلف حتى ولو كان حرا و مستقلا،  كما يحارب كل تنظيم لا يقدم له التأييد غير المشروط وفروض الطاعة والولاء، مشيرا الى أن المجتمع المصري يدرك يقينا أن الإرهاب والجماعات الإرهابية تمثل الخطر الأكبر عليه وعلى مستقبله، ومن ثم يرفض رفضا قاطعا تأييد ما تقوم به هذه الجماعات بحجة أنها تقاوم نظاما يرفض سياساته.

وقال نافعة: إن هذه الجماعات لا تختلف مع سياسات النظام الحاكم وإنما تطعن فقط في شرعيته وتعتبر أنها يجب أن تكون ممثله الشرعي لأنها وحدها التي ستقوم بتطبيق شرع الله.

 وخلص  نافعة الى أن جريمة مسجد ” الروضة ”  كاشفة لمأزق كبير يعيشه المجتمع المصري حاليا، مشيرا الى أنه ما لم يغير النظام الحاكم في مصر من سياساته، فسوف ينتهي بتسليم مصر على طبق من ذهب لهذه الجماعت المتوحشة.

المصدر : رأي اليوم
104/101

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأحد 26 نوفمبر 2017 - 11:10 بتوقيت مكة