إنَّ حقيقة الاعتقاد بإمامة الأئمة (عليهم السلام) ومحبتهم هو طاعتهم، وإتباعهم، والتمسك بما ورد عنهم من تعليمات، ونصائح، والعمل بها؛ ليكون الاعتقاد صادقًا في طاعتهم وولايتهم، مطابقًا في القول والعمل، فضلاً عن الامتثال لأوامر الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ﴾ [النساء: 59]، ومن أهم ما ورد عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وصية مباركة شريفة إلى شيعته ومحبيه، وقد إمتازت هذه الوصية بتعليمات مهمة لها أثر في الواقع، ويمكن أنْ يرى آثار ذلك أي إنسان بأدنى تأمل، وفي ذلك وضوح الرسالة الإسلامية في دعوتها إلى السلم والتعايش السلمي بين الناس عامة، وبين المؤمنين خاصة؛ لأنهم (عليهم السلام) إمتداد للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ورسالته العالمية التي بُعِثَ بها ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، فالآية المباركة تؤكِّد أنَّ الحجة الإلهية في الأرض هو رحمة للعالمين، ولم تخص المؤمنين من دون غيرهم، وإنْ كانوا هم أشرف المخاطَبين، وفي هذا أيضًا صورة من صور التعايش السلمي الآمن للبشرية، والأئمة (عليهم السلام) هم امتداد لرسالة النبي العالمية، فكانوا المثال الأمثل للسلم كما كتب لنا التأريخ ذلك، وهذا ما يمكن أنْ نقرأه في تعاليمهم ووصاياهم.
ووصية الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) هي إحدى تلك المحطات الإنسانية التي هي رحمة للعالمين، ونحاول عرضها على فقرات للاطلاع عليها والعمل بها إن شاء الله تعالى، وللاطلاع على نص الوصية (1)يراجع كتاب تحف العقول، وهي في (14) فقرة كالآتي:
1. تقوى الله: وما فيه من آثار في الدنيا والآخرة.
2. الورع في الدين: وما فيه من آثار في الدنيا والآخرة.
3. الاجتهاد لله تعالى: وما فيه من جهاد للنفس واستعداد للتضحية في سبيله.
4. صدق الحديث: وما فيه من آثار أخلاقية عظيمة على الإنسان وتربيته.
5. أداء الأمانة إلى جميع الناس. وما فيها من آثار أخلاقية على الفرد والمجتمع.
6. طول السجود: كناية عن المحافظة على الخضوع والخشوع في الصلاة والمحافظة عليها.
7. حسن الجوار: وفيه ما فيه من الآثار الاجتماعية العظيمة، وعظمة ما أوصى به النبي.
8. التواصل مع الآخرين: (الصلاة معهم + حضور الجنائز + عيادة المريض + أداء الحقوق).
9. الدعوة إلى أهل البيت (عليهم السلام): وفي ذلك شرف للإنسان في الدنيا والآخرة.
10. المحافظة على حق الأئمة (عليهم السلام): بالاطلاع على حقوقهم ونشرها والعمل عليها.
11. الإكثار من ذكر الله تعالى: وما فيه من كرامة الإنسان في ذكر محبوبه وسيده على الدوام.
12. الإكثار من ذكر الموت: وما فيه من مراقبة الإنسان والتفكر في حياته، وما سيذهب إليه.
13. الإكثار من تلاوة القرآن: وما فيه من الاستماع إلى تعاليم الله عز وجل وأثره في تزكية النفس.
14. الإكثار من الصلاة على محمد وآل محمد: وما فيه من العلاقة بالأئمة (عليهم السلام) واستذكار مقامهم وشرفهم وكرامتهم.
ويقول الإمام (عليه السلام): فإنَّ الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق في حديثه، وأدى الأمانة، وحسن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعي فيسرني ذلك!!
فتأملوا: فيسرني !!
فهذه أيها الأحبة الكرام مما يدخل السرور على الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) فعلينا أنْ نقرأها فقرة فقرة ونتأمل بها ﭐستعدادًا للعمل والتربية للنفس.
(1) وصية الإمام الحسن العسكري عليه السلام لشيعته: أوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم والاجتهاد لله ، وصدق الحديث واداء الامانه الى من ائتمنكم من بر أو فاجر، وطول السجود و حسن الجوار، فبهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله .
صلوا في عشائرهم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدوا حقوقهم ، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق فى حديثه وأدى الأمانه وحسن خلقه مع الناس ، قيل هذا شيعى فيسرنى ذلك ، اتقوا الله وكونوا لنا زيناً ولا تكونوا شيناً.
جرّوا الينا كل مودة وادفعوا عنا كل قبيح ، فإنه ما قيل فينا من حسن فنحن أهله ، وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك . لنا حق في كتاب الله وقرابة رسول الله وتطهير من الله لا يدعيه أحد غيرنا إلا كذاب .أكثروا من ذكر الله وذكر الموت وتلاوة القرآن والصلاة على النبي (ص) ، فإن للصلاة على رسوله (ص) عشر حسنات .احفظوا ما أوصيتكم به واستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام .