وقال يدلين، في مقال مشترك مع المحلل "الإسرائيلي"، يوئيل جوجنسكي، إن من شأن الهزة الداخلية التي تمر مؤخرا بالسعودية، والتي تتمثل باعتقالات غير مسبوقة لمئات كبار المسؤولين، بمن فيهم شخصيات أساسية في الاقتصاد والإعلام والسياسة، وذلك زعما باسم مكافحة الفساد، أن تتبين كتطور على مستوى تاريخي في السعودية.
وأضاف يدلين أن خطوات بن سلمان بقدر أقل تبدو كصراع أصيل ضد الفساد ، وبقدر أكبر كمحاولة من جانبه لتثبيت قوته ومكانته، ناهيك عن أن نمط حياته الاستعراضي نفسه لم يتغير (نيويورك تايمز تحدثت عن أن بن سلمان اشترى في 2016 يختا فاخرا بقيمة 500 مليون دولار). وعليه، فإنه يبدو أن بن سلمان عمل بهدف منع انتقاده من جهة أجنحة الخصوم في الأسرة، ومنع تبلور معارضة لحكمه. ويحتمل أن تعكس خطواته تطلعا لنقل التاج إليه على عجل.
وأشار يدلين إلى أنه في أعقاب الجمع السريع للصلاحيات في يدي بن سلمان في السنوات الأخيرة، انطلق أمراء كبار في المملكة منذ الآن بدعوة علنية نادرة للتغيير، بإعرابهم عن عدم الثقة به وبأبيه الملك المريض.
ويرى يدلين أنه على مدى السنين وحفاظا على التوازن بين فروع الأسرة، وزع الملوك بين المعسكرات المناصب العليا، بما في ذلك السيطرة على قوات الأمن. أما الآن، فإن بن سلمان يسيطر على ثلاثة مراكز القوة الأمنية المركزية: الجيش النظامي، وقوات الأمن الداخلي، والحرس الوطني. وعندما سيتوج ابن سلمان ملكا ستكون هذه هي المرة الأولى التي ينتقل فيها التاج إلى جيل أحفاد ابن سعود، مؤسس المملكة. هذا الانتقال لم يرتب وفقا لإجراء في إطاره انتقل الحكم في جيل أبناء ابن سعود، وعليه، فقد كان مصدر توتر واضح ومواجهات بين الأمراء.
ويعتقد رجل الاستخبارات "الإسرائيلي" أن الحكم في السعودية تحول إلى حد بعيد إلى مسرحية رجل واحد، لم يسجل بعد إنجازات ذات مغزى، بل ركز على تثبيت مكانته وقوته.
إن بن سلمان، الذي يسعى إلى إحداث تغييرات ضرورية، وإن كان بشكل متسرع ومفروض، في كل مجالات الحياة في المملكة، ينقطع لهذا الغرض عن تراث عملية اتخاذ القرارات بشكل جماعي، ويصطدم ضمن أمور أخرى بالمؤسسة الدينية والنخب الاجتماعية والاقتصادية، التي من غير الواضح على الإطلاق اذا كانت ستقبل إمرته بخنوع. إن نهاية هذه العملية محوطة بالغموض.
ويحذر يدلين من مغبة عدم الاستقرار في السعودية إذا لم ينجح الأمير الشاب بالإمساك بزمام الأمور، ويقول: لقد تمتعت السعودية باستقرار نسبي حتى في أثناء السنوات الثماني منذ بدأت الهزة الإقليمية، وإن كان بدا أحيانا أن قوتها ونفوذها نالا تقديرا زائدا في "إسرائيل".
أما اليوم، فتواجه السعودية التحديات في كل بعد ممكن تقريبا. ومن هنا، ينبغي فحص مدى التأثير الخارجي المحتمل للأزمة الحالية: هل سيعتبر أعداء السعودية التحولات السياسية فيها كلحظة مناسبة لهم لتشديد الضغط عليها؟ هل سيخرج ابن سلمان من القصة كزعيم بلا منازع للمملكة، أم ربما تواجه المملكة عصرا من عدم الاستقرار لا يمكن لنا أن نتوقع نهايته؟
ويختم يدلين مقالته بأن على محافل التقدير والسياسة في الدول المتأثرة بمكانة السعودية، بما فيها "إسرائيل"، من السلامة بمكان أن توثق المتابعة للاستقرار في المملكة، وأن تُعد الخطط الطارئة في حالة اهتزازها.
المصدر : عربي21
31101