وغالباً ما تكون المنح الدراسية التي تقدمها بعض الدول مصحوبة بالدعم المادي لتغطية رسوم الدراسة ونفقات المعيشة، وقد تكون هذه المنح خاصة بدراسة البكالوريوس Bachelor، أو تحضير الدراسات العليا سواء ماجستيرMaster، أو دكتوراه PhD، مثل منحة الحكومة التركية التي تفتح أبوابها كل سنة للطلاب العرب.
استثمار في المستقبل
هناك اهتمام متزايد بين الحكومات لبدء أو توسيع برامج المنح الدراسية التي تتيح للمواطنين فرصة للدراسة خارج وطنهم، وهذه المنح الدولية التي تقدمها حكومات الدول ليست عبئاً على الدولة، إنما استثمار تقوم به الدول المتقدمة من خلال جذب المواهب الواعدة إليها، وتنمية مهاراتهم الأكاديمية في أفضل الجامعات حول العالم، هذا الاستثمار سوف يعود على هذه الدول بالنفع في المستقبل، من خلال استغلال هذه الكوادر الشابة.
فمن شأن المنح الدراسية أن تؤثر بشكل كبير في مستقبل الحاصلين على المنح، فهي تمكنهم من بناء علاقات قوية مع نخبة الأساتذة والطلبة في أفضل الجامعات العالمية، الأمر الذي يزيد من احتمالية بروز رموز ناجحة، ورواد للصناعة من خلفيات أو بيئات غير متوقعة، وهم في النهاية يكونون بمثابة "سفراء غير رسميين" للبلاد والجامعات التي درسوا فيها، وانتسبوا إليها في وقت ما.
شراكات ثقافية
وتتم الاستفادة من مجهودات هذا الشباب الناجح لعمل مصالح مستقبلية مشتركة بين بلاده وبين الدول التي تلقى فيها منحته الدراسية، فنحن نرى مثلاً في منحة الحكومة التركية أن العديد من الطلاب العرب حين يدرسون في الجامعات التركية يتعلمون اللغة التركية كشرط أساسي للتعلم في البداية، مما يسهم في نشر هذه اللغة حول العالم، ونشر ثقافة الأتراك بصورة أكبر، وتستفيد الدولة من الخريجين العرب من جامعاتها مثلاً في العمل لدى الشركات الكبرى التي تتعامل مع دول العالم المختلفة، مما يسهم في تكوين شراكات جديدة ومشاريع تعاونية وفرص أخرى.
ونرى أن جامعة هارفارد تخرج فيها 32 رئيساً لمختلف دول العالم، من بينهم رؤساء الولايات المتحدة مثل باراك أوباما، وجون كينيدي، وفرانكلين روزفلت، ورؤساء كولومبيا، والمكسيك، وتشيلي، بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. كما تخرج فيها 49 عالماً حصلوا على جائزة نوبل، كما أن الولايات المتحدة لديها نسبة كبيرة من المواهب الأكاديمية من دول العالم المختلفة.
إن الحاصلين على هذه المنح الدراسية يتمتعون بالعديد من المزايا، منها الحصول على شهادات لها اعتبارها وقيمتها في سوق العمل، بالإضافة لاكتساب لغات ومؤهلات ومهارات جديدة تزيد من فرص عملهم، فالطلاب الحاصلون على منح دراسية يلتزمون بلا شك بالثبات على أهدافهم في نفس المجال الدراسي، حتى الحصول على الشهادة أكثر من زملائهم غير الحاصلين على منح.
كما تستفيد المؤسسات، سواء في البلدان المرسلة أو المستقبلة من عملية التنقل هذه، لأن عملية الانتقال من بلد لآخر تتطلب العديد من الإجراءات والأوراق اللازمة للتقديم. ونحن نجد أنه في الآونة الأخيرة ظهرت مؤسسات مسؤولة عن عملية التقديم للطلبة في الجامعات المختلفة حول العالم، مقابل أجر مادي، الأمر الذي وفر فرص عمل للكثيرين حول العالم.
وتهتم هذه المنح بتدريب وتعزيز خبرة الطلاب في الميادين المهمة التي يحتاجها سوق العمل العالمي، ومنها المجالات المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
وتحاول الدول والجامعات أن تصمم مخططات للأهداف المرجوة من هذه المنح الدراسية، وعمل دراسة عملية منهجية لقياس "نجاح" جهودهم. ومدى التأثير الذي تحققه هذه المنح على المدى البعيد، من خلال التواصل مع الذين أنهوا منحهم الدراسية، والنظر فيما اكتسبوه من خبرات، وما حققوه من نجاحات مستقبلية.
المصدر: هاف بوست عربي
25 - 101