قالت مجلة “بوبيولر ساينس” الأمريكية إن ما انشغلت به الأوساط العلمية والإعلامية الدولية خلال الأسابيع القليلة الماضية من حديث عن نجاح إجراء أول عملية زرع رأس للإنسان”، ما هو إلا روايات مريبة، غير صحيحة، ودون أي أساس علمي.
وكانت المجلة العلمية “الرصينة”، تعرض في موقعها على الإنترنت تفنيدا علميا لما أعلنه الجراح سيرجيو كانافيرو مؤخرًا من أنه نجح باختراق إنساني يتمثل في زراعة الرأس.
وفي تفنيد علمي اتسم بالحدة، قالت المجلة إن ما أعلنه كانافيرو ليس جديدًا بل يعود إلى العام 2015، وإن “قصته كلها مريبة يمكن اختصارها بكلمة “لا”، لم يفعل كانافيرو ما يزعمه من أحاديث، فهو يتحدث بذلك منذ عدة سنوات ولم يكمل ما بدأه من محاولات لزرع رأس بشرية ومن المستبعد جدًا أن يفعل ذلك.”
ماذا تعني زراعة الرأس؟
وقالت المجلة إن التوصيف العلمي لزراعة الرأس هو زراعة الجسم، في العملية يؤخذ رأس الشخص المتبرع المصاب بـ “مرض العضل التنكيسي” ويتم تعليق هذا الرأس على الجسم الجديد.
وبموجب هذا التشخيص العلمي فإن كانافيرو لم ينجح حتى الآن في تجاربه التي كان روّج لها قبل عامين وعاد الآن ليملأ الصحف بها.
و أعلن كانافيرو مؤخرًا في مؤتمر صحفي أن إجمالي من ماتوا من البشر حتى الآن، منذ بدء الخليقة الإنسانية، يصل 100 بليون إنسان، وهو رقم وصفه كانافيرو بأنه “إبادة جماعية” جاء الوقت لوقفها.
وأضاف في زعمه أنه “بنجاح زراعة الرأس، سيكون استهل عهدًا جديدًا يتغير فيه كل شيء”، وهو زعم أثار عليه ردود فعل اجتماعية وعلمية ودينية.
مجلة “بوبيولر ساينس” وصفت ما يتحدث به كانافيرو، بأنه من قبيل الخرافات المشابهة لقصة فرانكشتيان، فتغيير الرأس لدى أي ثري يمتلك من المال ما يكفي للعملية، يعني أنه سيصبح شخصًا مختلفًا في تركيبته العقلية والنفسية، وفي ذلك ما يكفي من التصورات المرعبة له ولمن حوله، وللبشرية.
العمليات الأخرى
وتجري دراسة المجلة مقارنة بين العملية التخيلية لزراعة الرأس، وبين العمليات الأخرى لزراعة القلب أو الكلى أو حتى الأعضاء التناسلية، مشيرة إلى أن الأنواع الأخيرة هذه ممكنة، ولا تتضمن نتائج كارثية على البشرية.
وتضيف أن زراعة الرأس مثلها مثل زراعة الحبل الشوكي أو الوجه أو الرحم تعتبر شبه مستحيلة علميًا، نظرًا لوجود الملايين من الروابط العصبية التي تحتاج لأن تكون مرتبطة معًا مرة أخرى، وهو الأمر الصعب حد الاستحالة.
وتستذكر المجلة أن كانافيرو كان أدعى سابقًا النجاح في دمج الحبال النخاعية المقطوعة في الفئران، لكن النتائج التي نشرها لم تحظ بثقة العلماء ذوي الاختصاص.
وتشير الدراسة إلى أن الدماغ جهاز فريد وحساس، ويبدأ في التحلل غير القابل للإصلاح في غضون دقائق من فقدان إمدادات الدم عند قطعه. وهو في ذلك يختلف عن القلب الذي يمكن ضغطه في الجليد ونقله من بلد لآخر دون أن يتلف. هذا فضلًا عن أي ضرر للدماغ أثناء النقل والزراعة يمكن أن ينفي ويلغي الغرض الأساس من العملية كلها.
نموذج الصين
وأعلن كانافيرو سابقًا عن عملية جراحية تستغرق 18 ساعة لجثة في الصين، وأنه بعد الآن سينتقل إلى إجراء العملية على بشر أحياء.
تقرير “بوبيولر ساينس” انتهى إلى أن ما يتحدث عنه كانافيرو غير علمي لأن الرأس يعمل ضمن منظومة جسدية متكاملة، وليس منفردًا. واستشهد التقرير بما قاله طبيب الأعصاب دين بورنيت في صحيفة الغارديان قبل أيام “أمامنا طريق طويل لزراعة الرأس. يمكنك لحام نصفين من السيارات المختلفة، وقد تسميه نجاحًا إذا أردت، ولكن لحظة تشغيل المفتاح في الاشتعال فإن كل شيء سينفجر”.
المصدر : وكالات