وذكرت الصحيفة أن التحقيقات مع الحريري تدور حول شبهة غسيل أموال تورطت بها شركة سعودي أوجيه، التي ورثها الحريري عن والده.
ووفقاً لمعلومات حصل عليها الصحافي الفرنسي جان بيار بيران، فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يأمل من حملة الاعتقال تحت عنوان "مكافحة الفساد" أن يستعيد ما قيمته 100 مليار دولار، وهي أموال حصلت عليها شخصيات نافذة أطلق عليها اسم "جماعة عبد الله"، في إشارة إلى الملك السعودي الراحل عبد الله.
ووفقاً للتقرير فإن هذه الأموال تم الحصول عليها قبل وفاة عبد الله، وتم غسيل قسم كبير منها في شركتي سعودي أوجيه (أعلنت إفلاسها أواخر شهر يوليو/تموز الماضي)، ومجموعة بن لادن (التي تتخبط في أزمات مالية بعد انهيار رافعة في موسم الحج قبل عامين).
وبالعودة عدة شهور إلى الوراء، نجد أن الأزمات الاقتصادية عصفت بالشركتين في وقت متزامن، ما أدى إلى تسريح آلاف الموظفين من الشركتين، بل حتى حدوث إضرابات وعمليات شغب من قبل العاملين لديهما، والذين طالبوا بمستحقاتهم المالية، بعدما عانت الشركتان من أزمة سيولة.
وذكر التقرير إن احتجاز سعد الحريري في السعودية يأتي من منطلق تعامله كمواطن سعودي كشاهد عيان في التحقيق الجاري، والذي أوضح المدعي العام السعودي في تصريحات سابقة إنه نتيجة 3 سنوات من التحقيق.
,اغتنم عشرات الموظفين الفرنسيين السابقين في شركة سعودي أوجيه زيارة رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري الذي وصل السبت 18 نوفمبر/ تشرين الثاني إلى باريس، لإعادة تحريك المطالبة بمتأخرات يقولون إنها تبلغ نحو عشرين مليون يورو، علما أن المجموعة التي يملك الحصة الأكبر منها أعلنت إفلاسها.
أعلن الحريري استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية بداية الشهر من السعودية حيث كون ثروته وورث في سنة 1994 مجموعة سعودي أوجيه التي أسسها في سبعينات القرن الماضي والده رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري الذي اغتيل في 2005.
لكن الشركة المزدهرة التي كانت تنفذ مشاريع بناء ضخمة، تأثرت اعتبارا من منتصف 2015 بتدهور أسعار النفط التي تسببت في وقف مشاريع البناء في المملكة.
وسرعان ما فقدت المجموعة الغارقة في الديون قدرتها على الاستدانة مجددا وباتت عاجزة بالتالي عن دفع ديون نحو خمسين ألف موظف من ثلاثين جنسية.
ومن بين هؤلاء 240 فرنسيا باتوا مديونين هم أيضا وعجز بعضهم عن دفع إيجار مساكنهم أو مصاريف مدارس أولادهم وباتوا غير قادرين على مغادرة المملكة قبل تسوية أوضاعهم.
وقال مهندس فرنسي فضل عدم ذكر اسمه "عندما فهمت ما حصل، اقترضت المال من بعض الاصدقاء وغادرت بسرعة. لم أرد أن احتجز هناك وأحرم من رؤية عائلتي لمدة سنة".
معاملة سيئة
وأضاف الرجل البالغ من العمر 62 عاما والذي كان يعمل في الرياض منذ 2009 "نحن على الأقل، كنا أكثر حظا من زملائنا الهنود والفيليبينيين والباكستانيين والسنغاليين والبرتغاليين والاسبان والمغاربة: لقد عوملوا معاملة الكلاب".
وروى كيف أن مساكن العمال "قطعت عنها المياه والكهرباء وتوقف تفريغ المراحيض" وكفت سعودي أوجيه عن توفير الطعام لهم. وحلت الدولة السعودية محل الشركة المفلسة وتحركت السفارات لمساعدة وتسفير مواطني بلدانها الذين أقدم بعضهم على الانتحار.
وقال المهندس أنه "بما ان الفرنسيين قرروا تحمل مسؤولية أمن (الحريري) أصبح لدينا الحق لأن نطرح الأمر على الملأ".
وقالت كارولين واسرمان التي تدافع عن مصالح 75 موظفا فرنسيا سابقا "أرى أنه ضرب من الجنون أن يُفرش السجاد الأحمر لسعد الحريري من دون أن يطلب منه أن يسدد على الفور الملايين من متأخرات الموظفين الفرنسيين، علما أنه يملك مع عائلته ثروة طائلة".
بدأت المحامية مع زميلها جان لوك تيسو دعوى أمام محكمة العمل المكلفة حل النزاعات بين الموظفين وأصحاب العمل في باريس حيث يوجد مقر شركة أوجيه الدولية، المتفرعة من سعودي أوجيه.
وفي الإجمال، يقول المحاميان ان على أوجيه أن تسدد قرابة 15 مليون يورو من متأخرات الموظفين وخمسة ملايين يورو إلى صناديق التقاعد والى الصندوق الفرنسي للعاملين في الخارج ومكتب التوظيف الفرنسي.
وقال المهندس "عندما تركت السعودية لم أكن قد تلقيت مرتبي منذ أربعة أشهر، ولم تكن الشركة قد دفعت مساهمتها في صندوق التقاعد منذ تسعة أشهر علما أنها اقتطعت من مرتباتنا ولم تتم إعادتها إلى الصندوق". ويطالب هذا المهندس الشركة بثلاثين ألف يورو.
أين سيقيم الحريري في باريس؟
ومع ترقب الشارع اللبناني خروج الحريري من الرياض إلى فرنسا، بعد انطلاق حملة شعبية ورسمية طالبت بالتأكد من أنه حر في تحركاته وتصريحاته توحدت خلفها جميع الأحزاب اللبنانية، تتجه الأنظار إلى باريس حيث تلقى دعوة مع عائلته من الرئيس الفرنسي شخصياً.
تقرير آخر للصحيفة نفسها، كشف أن الحريري يملك شقة فاخرة في باريس، ولكنها ليست فارغة، إذ تقطن فيها زوجة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، برناديت.
يبلغ إيجار الشقة في الشهر الواحد 10 آلاف يورو، وكان الحريري قدمها مجاناً لعائلة الرئيس السابق، أي ما قيمته 1.2 مليون يورو من مايو 2007 حتى يومنا هذا.
وأثار هذا الرقم سؤالاً كبيراً حول تلقي رئيس فرنسي سابق هذه المساعدة المالية من سياسي لبناني. جدير بالذكر أن جاك شيراك يقطن حالياً في مكان آخر غير هذه الشقة بعد تعرضه لأزمة صحية، بدعم من ثري فرنسي.
وتوقع التقرير أن تدهور حالته الصحية كفيل بألا يثير زوبعة من الاعتراضات في الأوساط الفرنسية. فهل سيطالب سعد بشقته، وأين ستذهب السيدة الفرنسية الأولى السابقة؟
هاف بوست