ورد في عيون أخبار الرضا علیه السلام ما رويَ عن يزيد بن سليط الزيدي قال: لقيت موسى بن جعفر (ع) فقلت: أخبرني عن الإمام من بعدِك بمثل ما أخبرك به أبوك علیه السلام، فقال: سأخبرك يا أبا عماره: إني خرجت من منْزلي وأوصيت إلى بَنيَّ وأشركتهم مع علي وأفردته بوصيتي في الباطن ولقد رأيت رسول الله (ص) في المنام ومعه أمير المؤمنين علیه السلام، ومع الرسول خاتم وسيف وعصا وكتاب وعمامة، وسألت الرسول(ص) فقال:
أمّا العمامة فسلطان الله عز وجل، وأمّا السيف فعزّة الله عز وجل، وأمّا الكتاب فنور الله عز وجل، وأمّا العصا فقوّة الله عز وجل، وأمّا الخاتم فجامع هذه الأمور. ثم قال الرسول (ص): والأمر يخرج إلى عليّ إبنكَ. ثم قال: يا يزيد إنها وديعة عندك فلا تخبر بها إلا عاقلاً أو عبداً إمتحن الله قلبه للإيمان ولا تكفر نعم الله تعالى، وإن سئلت عن الشهادة فأدِّها فإن الله تبارك وتعالى يقول: ) إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ( سورة النساء:58.
وقال عز وجل ) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ الله ( سورة البقرة: 140.
ثم قال أبو الحسن علیه السلام: لقد وصفهُ لي رسول الله (ص) فقال: ابنُكَ علي الذي ينظر بنور الله ويسمع بتفهيمه وينطق بحكمته يصيب ولا يخطئ ويعلم ولا يجهل قد مُلئَ حلماً وعلماً. وما أقل مقامك معه إنما هو شيء كأن لم يكن فإذا رجعت من سفرك فأصلح أمرك وأفرغ مما أردت فإنّك منتقلٌ عنه ومجاور غيره، فاجمع ولدك وأشهد الله عليهم جميعاً وكفى بالله شهيدا.
ثم قال علیه السلام: يا يزيد إنّي أوخذ هذه السنه، وعليّ ُ إبني سمي جدّه علي بن أبي طالب علیه السلام وسميَ علي بن الحسين علیه السلام. أعطي فهم الأول وعلمه وبصره وردائه و ليس لـه أن يتكلم إلا بعد هارون بأربع سنين فإذا مضت أربع سنين فسله عما شئت يُجبكَ إن شاء الله تعالى[1].
روي عن محمد بن اسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر (ع) وقد اشتكى شكاية ً شديدة ً. وقلت لـه: إن كان ما أسأل الله أنْ لا يريناه فالى مَن ؟
قال علیه السلام: إلى علي ابني وكتابه كتابي وهو وصييّ وخليفتي من بعدي.
وعنهما ابن الوليد عن الصفار وسعد معاً عن الأشعري عن الحسن بن علي بن يقطين قال: يا علي بن يقطين هذا إبني سيدُ ولدي وقد نحلته كُنيتي. قال فضرب هشام بن سالم يده على جبهته فقال: إنا لله، نعى والله إليك نفسه[2].
روى عيسى عن حسين بن نعيم الصحّاف قال: كنت أنا وهشام بن الحكم وعلي إبن يقطين ببغداد فقال ابن يقطين: كنت عند العبد الصالح موسى بن جعفر جالساً فدخل عليه ابنه الرضا فقال الإمام لعلي بن يقطين: يا علي هذا سيّد ولدي وقد نحلته كنيتي، فضرب هشام براحته جبهته ثم قال: ويحك كيف قلت ؟ فقال ابن يقطين: سمعت والله منه كما قلت لكَ.
فقال هشام: أخبرَكَ والله أن الأمر فيه من بعده[3].
روي عن علي بن يقطين قال: قالَ موسى بن جعفر ابتداءاً منه: هذا أفقه ولدي ـ وأشار بيده إلى الرضا علیه السلام ـ وقد نحلته كنيتي.
ورد في عيون أخبار الرضا عن غنّام بن القاسم قال: قال لي منصور بن يونس: دخلت على أبي الحسن ـ يعني موسى بن جعفر علیه السلام ـ يوماً فقال لي: يا منصور أما علمت ما أحدثت في يومي هذا ؟ قلت: لا. قال: قد صيرت علياً إبني وصيّي والخلف من بعدي، فأدخلْ عليه وهنئه بذلك، واعلمهُُ إني أمرتك بذلك.
فدخلت عليه فهنأته بذلك وأعلمته أن أباه أمرني بهذا، ثم جحد منصور بعد ذلك فأخذ الأموال التي كانت في يده وكسرها.
وكسر الأموال يعني التصرّف فيها وبذلها من غير مبالاة، قال الفيروز آبادي: كسر الرجل يعني قلة تعهده لماله.
روي عن داود الرقي قال: قلت لأبي إبراهيم علیه السلام جعلت فداك قد كبُر سِِني فحدّثني مَنْ الإمام بعدك ؟ قال: فأشار إلى أبي الحسن الرضا علیه السلام وقال: هذا صاحبكم من بعدي.
عن داود الرقي قال: قلت لأبي إبراهيم أني قد كبرت وخفت أن يحدث بي حدثٌ ولا ألقاك فأخبرني مَنْ الإمام من بعدك ؟ فقال: إبني علي[4].
روي عن سليمان المرزوي قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر علیه السلام وأنا أريد أن أسأله عن الحجّة على الناس من بعده فابتدأني وقال: يا سليمان إنَّ علياً إبني ووصيّي والحجّة على الناس من بعدي وهو أفضل ولدي فإن بقيت بعدي فأشهد له بذلك عند شيعتي وأهل ولاتي والمستخبرين عن خليفتي من بعدي[5].
روي عن علي بن عبد الله الهاشمي قال: كُنّا عند القبر نحو ستين رجلا ً منا ومن موالينا إذ أقبل أبو إبراهيم موسى بن جعفر علیه السلام ويده بيد ولده علي علیه السلام فقال: أتدرون من أنا ؟
قلنا: سيدنا وكبيرنا. قال علیه السلام: سمّوني وانسبوني: فقلنا: أنت موسى بن جعفر. فقال: من هذا الذي معي ؟ قلنا: هو ولدك علي بن موسى. قال علیه السلام: فاشهدوا أنه وكيلي في حياتي ووصيي بعد موتي.
روي عن عبد الله بن مرحوم قال: خرجت من البصرة أريد المدينة فلما صرت في بعض الطريق لقيت أبا إبراهيم علیه السلام وهو يذهب به إلى البصره فأرسل إلي فدخلت عليه فدفع إليّ كتباً وأمرني أن أوصلها إلى المدينة، فقلت إلى من أدفعها جعلت فداك ؟
قال علیه السلام: إلى إبني علي فإنه وصييّ والقيّم بأمري وخير بنيَّ.
روي عن حيدر بن أيوب قال: كنا بالمدينة في موضع يعرف بالقبا فيه محمد بن زيد بن علي فجاء بعد الوقت الذي كان يجيئنا فيه فقلنا له: جعلنا فداك ما حسبك عنا ؟ قال: دعانا أبو إبراهيم علیه السلام ونحن سبعة عشر رجلاً من ولدِ علي وفاطمه صلوات الله عليهم فأشهدنا لعلي إبنه بالوصّيه والوكاله في حياته في حياته وبعد موته وأن أمره جائز عليه وله. ثم قال محمد بن زيد: والله يا حيدر لقد عقد له الإمامة اليوم وليقولنَّ الشيعة به مِنْ بعده. قال حيدر: قلت بل يبقيه الله وأي شيء هذا ؟
قال: يا حيدر إذا أوصى اليه فقد عقد له الإمامة.
روي عن محمد بن سنان قال: دخلت على أبي الحسن علیه السلام قبل أن يحمل إلى العراق بسنة واحدة وعلي إبنه بين يديه فقال لي: يا محمد. قلت: لبيّك. قال علیه السلام: سيكون في هذه السنة حركه فلا تجزع منها، ثم أطرق ونكث الأرض بيده ورفع رأسه إليّ وهو يقول: يُضِلّ ُ الله الظالمين ويفعل ما يشاء. قلت: وما ذاك جعلت فداك ؟
قال: مَنْ ظلم إبني هذا ـ يعني الرضا علیه السلام ـ حقّه وجحد إمامته من بعدي كان كمن ظلم علي بن أبي طالب علیه السلام حقّه وجحد إمامته من بعد محمد (ص) فعلمت أنه قد نعى إليّ نفسه، ودلَّ على إمامته إبنه. فقلت: والله لئن مدّ الله في عمري لأسلمنّ إليه حقّه، ولأقرَّن له بالإمامة: وأشهد أنّه من بعدكَ حجّة الله على خلقهِ و الداعي إلى دينه.
فقال علیه السلام لي: يا محمد يمدُّ الله في عمرك، وتدعو إلى إمامته وإمامة من يقوم مقامه من بعده، قلت: مَن ذاكَ جُعلت فداك ؟ قال علیه السلام: ابنه حفيدي محمد الجواد قلت: فالرضا والتسليم. قال علیه السلام: نعم كذلك وجدتُك في كتاب أمير المؤمنين علیه السلام أمّا إنَّكَ من شيعتنا فأبين من البرق في الليلة الظلماء. ثم قال: يا محمد إن المفضل كان أنسي ومستراحي، وأنت إنسهما ومستراحهما حرام على النار أن تمسّك أبداً[6].
[1] ـ ج1 ص23 / عيون أخبار الرضا.
[2] ـ ج49 ص13 / بحار الأنوار للشيخ المجلسي.
[3] ـ ج1 ص20 / عيون أخبار الرضا وج49 ص14 / بحار الأنوار.
[4] ـ ص385 / الإرشاد، و ج 1 ص312 / الكافي.
[5] ـ ج1 ص26 / عيون أخبار الرضا و ج49 ص15 / بحار الأنوار للشيخ المجلسي.
[6] ـ ج1 ص32 / عيون أخبار الرضا. وج49 ص21 / بحار الأنوار للمجلسي.