ويقيم وليد الابراهيم بشكل دائم في دبي، لكنه يتردد على الرياض وجدة بانتظام، فيما قال مصدر في مجموعة «أم بي سي» لـ«القدس العربي» إن الأمر باعتقاله صدر وهو خارج المملكة، حيث لا يزال في دبي يمارس عمله كالمعتاد في مكاتب القناة في المدينة الإعلامية.
لكن المصدر توقع أن يكون الابراهيم ممنوعاً من مغادرة دولة الإمارات إلا إلى السعودية، وهو ما يُفسر لماذا لم يغادر إلى بلد أجنبي على الرغم من قرار اعتقاله، لافتاً إلى أن «الشيخ الابراهيم يحمل جواز سفر دبلوماسي سعوديا ويتنقل في الإمارات بسيارة دبلوماسية سعودية، كما أنه أحد المقربين من دوائر صنع القرار في دولة الإمارات، ويسود الاعتقاد بأنه من المقربين للشيخ محمد بن زايد آل نهيان».
وورد ذكر اسمه ضمن قوائم الأثرياء والأمراء الذين صدرت بحقهم قرارات اعتقال في السعودية بتهم فساد، وذلك في ساعة متأخرة من ليل السبت الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، كما تم اعتقال عدد من الأمراء في تلك الليلة بينهم الرجل الأغنى في العالم العربي الأمير الوليد بن طلال.
ورغم أن بعض وسائل الإعلام في السعودية أكدت خبر اعتقال الابراهيم، إلا أن مصدراً في مجموعة «أم بي سي» أبلغ «القدس العربي» أن الرجل لم يتم اعتقاله وإنه باشر العمل من مكتبه في القناة في اليوم التالي لأمر الاعتقال، وأمضى يوم الأحد الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر في مقر القناة بدبي دون أن يواجه أي إشكالات. ولاحقاً لأوامر الاعتقال، وبعدها بأيام قليلة بثت وكالة «رويترز» للأنباء خبراً مفاده أن البنك المركزي وهيئة الأوراق المالية في الإمارات طلبت من البنوك والشركات المالية العاملة في البلاد معلومات عن حسابات 19 مواطنا سعوديا.
وفيما امتنعت هيئة الأوراق المالية والسلع عن التعليق في دولة الإمارات، قالت المصادر المصرفية إن الطلب ورد في نشرة صدرت عن المركزي وإن البنوك استجابت لما ورد فيها، مضيفة أن «السلطات لم تطلب من البنوك تجميد الحسابات».
ونشرت وسائل إعلام ومواقع على الانترنت صورة عن تعميم المركزي الإماراتي، حيث تتضمن الوثيقة أسماء 19 شخصية سعودية يطلب البنك المركزي «فورا البحث عن أي حسابات أو ودائع واستثمارات أو أي أدوات أخرى ذات قيمة مالية وإعلامنا عن أي تسهيلات ائتمانية أو صناديق أمانات أو أي تحويلات مالية تم تنفيذها من خلال منشآتكم».
ومن بين الأسماء التي وردت في الوثيقة التي تلقتها البنوك يوم الثامن من تشرين الأول نوفمبر الحالي الشيخ وليد الابراهيم الذي يمتلك مجموعة «أم بي سي» ويرأس مجلس إدارتها، وهو ما يؤكد أن السلطات في الإمارات بدأت في ملاحقته والبحث عنه، وليس فقط السلطات السعودية.
رسالة طمأنة
وحسب المعلومات التي حصلت عليها «القدس العربي» فان إدارة مجموعة «أم بي سي» السعودية أرسلت لكافة العاملين معها، وعددهم يُقدر بنحو ألفي شخص، رسالة طمأنة عبر البريد الالكتروني حاولت من خلالها تهدئة مخاوفهم، والتقليل من أهمية القرار السعودي الصادر بحق مالك المجموعة الشيخ وليد الابراهيم.
كما طلبت إدارة المجموعة من العاملين الالتزام بالعمل كالمعتاد وأبلغتهم بأن لا تغيير على الأوضاع الراهنة، ولا تغيير في السياسات العامة، وأن العمل يجب أن يسير في المجموعة كالمعتاد.
ومن المعروف أن قناة العربية تتبع بشكل رسمي وعلني لمجموعة «أم بي سي» وهي القناة التي كانت أول من بث خبر الاعتقالات في السعودية والحملة على الفساد، حيث واصلت الإشادة بالحملة والثناء على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على الرغم من أن رئيس مجلس الإدارة هو أحد ضحايا هذه الحملة.
قلق في «العربية»
وسادت حالة أكبر من القلق في قناة «العربية» التي لم يعد العاملون فيها يعرفون من هو المالك الحقيقي لها، حيث تزايدت وتيرة الاعتقاد أنها أصبحت مملوكة للأمير محمد بن سلمان، وأن مديرها الصحافي السعودي تركي الدخيل يتلقى الأوامر من الأمير مباشرة، وذلك بسبب اصطفاف القناة إلى جانب ولي العهد ضد رئيس مجلس ادارتها الذي أصبح مطلوباً للاعتقال وأصبحت أمواله ملاحقة، وأصبح مصير قنواته مجهولاً.
واشتعلت الشائعات في القناة وانتشر القلق أكثر عندما استقال رئيس تحرير قناة «العربية» ومدير الأخبار فيها الدكتور نبيل الخطيب بعد يومين فقط على قرار السلطات السعودية اعتقال وليد الابراهيم والبدء في ملاحقته.
لكن المعلومات التي وصلت لـ«القدس العربي» تفيد أن إدارة القناة سارعت إلى إبلاغ الموظفين أن استقالة الخطيب لا علاقة لها بهذه التطورات، وإنما ترجع بسبب أن عائلته هاجرت إلى كندا وأنه يرغب في الالتحاق بها، كما أن القناة أبلغت الموظفين أيضاً أن الخطيب سيظل يعمل ضمن أسرة «العربية» ولكن بمنصب «مستشار» وليس كمدير للأخبار ورئيس للتحرير.
ويسود الاعتقاد في أوساط الصحافيين في قناة «العربية» أن المنصب الشكلي الذي تم منحه للخطيب إنما هو محاولة للتغطية على استقالته، ولضمان عدم الكشف عن الأسباب الحقيقية لهذه الاستقالة، إذ أن سفره إلى كندا يعني أنه لن يغادر قناة «العربية» فقط وإنما سيغادر دولة الإمارات برمتها دون عودة.
والدكتور نبيل الخطيب يدير غرفة الأخبار في «العربية» منذ تأسيس القناة في العام 2003 وكان أحد أعمدة مجموعة «أم بي سي» منذ كانت تعمل في العاصمة البريطانية لندن، كما أنه أكاديمي فلسطيني معروف ويحمل شهادة الدكتوراه في الإعلام، وهو شقيق وزير العمل الفلسطيني السابق الدكتور غسان الخطيب.
وانتشرت حالة من القلق في أوساط العاملين في قناة «العربية» ومجموعة «أم بي سي» تحسباً لاتخاذ إجراءات من قبل المملكة العربية السعودية بشأن القناة أو المجموعة، كما أثارت الاستقالة الكثير من الأسئلة حول ما إذا كان لدى السعودية توجه لتغيير كبير داخل القناة، أو ربما نقل مكاتبها الرئيسية إلى الرياض، كما يتحدث بعض العاملين.
وحسب المعلومات التي جمعتها «القدس العربي» من مصادر متعددة فان قناة «أم بي سي» لا تزال مسجلة كشركة في بريطانيا ومقرها لندن، وهذه الشركة لا تزال فعالة وتقدم إقراراتها الضريبية بشكل سنوي، لكن المفاجأة أن هذه الشركة مسجلة باسم شخص سعودي يُدعى علي الحديثي، وهو مدير مكاتب القناة في العاصمة السعودية الرياض.
يشار إلى أن العديد من التقارير تتحدث منذ سنوات عن أن الأمير محمد بن سلمان اشترى قناة «العربية» ويعتزم تحويلها إلى قناة محلية سعودية من أجل خدمته سياسياً داخل المملكة، أو إبقائها قناة عربية عامة لكن مع زيادة جرعة الأخبار السعودية وتكثيف عمليات الترويج له ولسياساته في المملكة.
22-103