ومع سخونة الاتهامات التي وجهت لبنانياً إلى السعودية بأنها تغيّب الحريري أو تحتجزه وقد أجبرته على الاستقالة، بدا المشهد السني مرتبكاً للغاية، فالزعيم السني الذي إن اتفقوا معه أو اختلفوا غائب أو مغيب، والمخاوف حاضرة من أن يكون منصبه - وهو الأعلى للسنّة في لبنان - قد أهين أو أذلّ من قبل المملكة السعودية، التي شكلت لكثيرين منهم -ومن بينهم الحريري وتياره- العباءة الراعية لهم ولسياستهم.
ويبدو جليّا اقتضاب المواقف الصادرة من تيار المستقبل، وقد علمت «عربي21» من مصادر موثوقة في تيار الحريري بأن رئيس الكتلة فؤاد السنيورة طلب من أعضاء الكتلة عدم التصريح من خارج بيانات الكتلة.
وأشار المصدر إلى أن «تيار المستقبل متوحّد على ضرورة عودة الحريري،لإيضاح ظروف الاستقالة، ورفض أي محاولة للإساءة إليه». أما دار الفتوى، فقد شهدت حراكاً كبيراً، ووجّه الساسة السنّة على اختلاف انتماءاتهم السياسية مسارهم إلى دار الفتوى، فتوحدت المواقف من على منبر المرجعية الدينية السنيّة لجهة التمسك بالحريري رئيساً، ورفض أيّ مرشح لخلافته من دون موافقة مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان. وتحدّث أحد رواد دار الفتوى، وهو رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية، أسعد هرموش، عن «حالة إحباط تهيمن على الشارع السني، المصاب بالذهول نتيجة تداعيات استقالة الرئيس الحريري»، مشيراً في تصريحات لـ «عربي21» إلى أنّ «خطوة الاستقالة مفاجأة، كما أنّها كشفت ظهر السنّة في لبنان نتيجة التباين بين تيار المستقبل ممثلاً بالحريري وبين المملكة السعودية».
ولفت إلى أن الطائفة السنيّة اعتمدت تاريخياً على العامل الإقليمي، «بدءاً من مصر في زمن عبد الناصر، مروراً بالثورة الفلسطينية في لبنان في السبعينيات وأوائل الثمانينيات، ومع خروج منظمة التحرير من لبنان غُيبت الطائفة السنيّة من خلال الوصاية السورية، قبل أن يبرز الرئيس الراحل رفيق الحريري أوائل التسعينيات منعشاً آمال طائفته، لكنّهم بعد استشهاده افتقدوا جزءاً من ثقتهم».
وحول أسباب التحوّل السعودي مع الحريري، قال: «السعودية وقفت إلى جانب الرئيس سعد الحريري ودعمته، لكن هذا الخيار سقط اليوم، بفعل التباين وأجندات جديدة سعودية برزت من خلال التعاطي مع المكوّن السني اللبناني»، مؤكداً أن «الطائفة السنيّة تشعر باليتم حالياً، وهي تبحث عن بدائل؛ لأنها تفتقد الظهير الإقليمي».
وانتقد دور البلدان العربية في التعاطي مع المسلمين السنّة في لبنان، قائلاً: «دمنا وحضورنا رخيص لديهم، رغم أنّ طائفتنا قدّمت للعرب والمسلمين الكثير، وهي التي كانت حاضنة لقضيّة فلسطين والقضايا العربية».
وعن إمكانيّة استبدال زعامة أخرى بزعامة الحريري على مستوى رئاسة الحكومة وتيار المستقبل، قال: «الاستقالة في الشكل غير دستورية؛ لأنّها لم تقدم إلى رئيس الجمهورية، أمّا في المضمون، فهي مرفوضة؛ لأنّها وقعت تحت ضغط فُرض على الحريري، وما مُورس بالإكراه فهو باطل».
المصدر: عربي 21
103