بقلم آية الله المجاهد الشيخ نمر باقر النمر
«الخامس عشر» أهم قيم الفرد والمجتمع
ومن القيم الإنسانية تتشعب قيم الفرد والمجتمع ومن أهمها القيم التالية:
أولاً: الحب الذي يطهر القلوب من أثقال الأحقاد التي تُضيِّق الصدور، وأوبئة الضغائن التي تُضيِّق الحياة بما رحبت. الحب الذي نتعلمه من حب الله للأخيار؛ حيث يحفزهم حبُ الله لهم على فعل الخيرات، والتحلي بالخصال الحميدة من الطهارة والعطاء والإيثار والتقوى والإحسان والصبر والتوكل والقسط، والمودة التي تحفظ العلاقات والروابط الاجتماعية من التفكك والانهيار.
إن الحب هو أساس العلاقة بين الله وعباده الصادقين؛ ولن يستحق حمل مشعل رسالة السماء، ولن يتمكن من الصبر والاستقامة في حملها إلا من امتلأ قلبُه حباً لله، وجسَّد هذا الحب بإتباع القيادة الربانية الصادقة، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ} (1).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (2).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (3).
وحبُ الله يجعل قلوب المحبين واسعة رحبة تحب مَنْ هاجر إليهم، ولا تضيق بالمهاجرين، ولا ترى أنهم يزاحمونهم في معيشتهم؛ بل إن قلوب المحبين تتعالى على ماديات الحياة، وتسمو بإنسانيتها لبناء المجتمع الإيماني، وتشييد اللحمة الاجتماعية الرسالية؛ فتؤثر على نفسها مع حاجتها الشديدة. يقول الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (4).
والحب القلبي الذي يتحول إلى مودة في السلوك هو الذي يحفظ الأسرة من التفكك والانفصال، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (5).
وصاحب القلب المحب لله مهيأ قلبياً وسلوكياً لمودة مَنْ يعاديه، يقول الله سبحانه وتعالى: {عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (6).
والحب لمَنْ أحبَه الله هو الحرث الطيب لمكارم الأخلاق ومحاسن الفعال، ولب تلك الأخلاق وسنامها الأخلاق التالية:
1/ التقوى: وهي الأساس والخير لكل بناء معنوي أو مادي أو نفسي أو اجتماعي؛ وهي حرث الالتزام بالعهود والمواثيق الإلهية والبشرية. يقول الله سبحانه وتعالى: {لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ * أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (7).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (8).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (9).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (10).
2/ الطهارة: من أدران الحياة، ولوث الدنيا، وأمراض القلب، ومساوئ النفس. يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (11).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} (12).
3/ الإحسان: الذي يُمَكِّن الإنسان من الخروج من قوقعة ذاتياته، ومن تجاوز أنانياته؛ فتصطبغ شخصيته بالإيمان، والعمل الصالح، والتقوى، والإحسان، فينفق في السراء والضراء، ويكظم غيظه، ويعفو عن الناس، ويصفح الصفح الجميل، يقول الله سبحانه وتعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (13).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (14).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (15).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (16).
4/ التوكل: الذي يلهم الإنسان الحيوية والحركة والنشاط والسعي والإقدام والاستقامة والثبات، يقول الله سبحانه وتعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (17).
5/ القسط: الذي يمنع الظلم والعدوان، ويحفظ الحقوق، ويبسط الأمن، ويُطَمْئِن المخالفين، فضلاً عن الموافقين، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (18).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (19).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (20).
6/ النظام والتنظيم: حتى في أحلك الظروف، ففي معمعة الحرب حيث الإنسان لا يلتفت ولا يعير أهمية لشيء غير الحرب، ويغفل عن كل الشؤون ما عدى شأن الحرب؛ يَرصُّ المقاتلون صفوفهم، وينظمون أمرهم، يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} (21).
7/ الصبر: الذي يمنع وهن النفس والروح، ويمنع ضعف الجسد والبدن، ويمنع الاستكانة والتوقف والجمود، والصبر هو الرأس لكل فضيلة، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} (22).
ثانياً: كظم الغيظ الذي يمنع الإنسان من الانفعال والغضب والانتقام ويهيء الأرضية للعفو والتعافي، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (23).
والعفو الذي يقتلع شرارة الحروب، ويحافظ على السلم والأمن الأسري والاجتماعي والسياسي و.. و.. المحلي والإقليمي والدولي؛ العفو الذي يقرب الإنسان للتقوى ويرتقي به للصفح، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (24).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (25).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (26).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (27).
والصفح الجميل الذي يقتلع الضغائن والأحقاد وكل نبتات العدوان والانتقام، يقول الله سبحانه وتعالى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} (28).
ثالثاً: العمل الذي يمحو الكسل والخمول من الذات، ويُبيد التواكل والاتكال على الغير؛ العمل الذي بسواعد أهله تُبني الحياة ويُسَخَّر ما فيها من نعم وخيرات، وتُشيَّد الصناعات، ويتضاعف الإنتاج، وتدوم الزراعة، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (29).
والسعي الذي يوجد النشاط، وينشأ الحراك، ويختزل الزمن، ويستثمر الوقت، ويحقق الأهداف، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} (30).
والجهاد الذي يُحصِّن الإنسان الفرد من فساد الهوى، وخراب الشهوات، ويُحصِّن الإنسان المجتمع من فساد الطاغين، واستهتار العابثين، ويهدي الإنسان إلى أقوم سبل رب العالمين، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (31).
والمسارعة التي تزيل التسويف، وتجتث التواني، وتغتنم الفرص، وتقطع سيف الوقت، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (32).
والتسابق الذي يطور الحياة ويمدنها، ويشيد الحضارات ويطورها، ويُوسِّع الخيال ويُرَشِّده، ويلهم الإبداع ويُتقِنُه، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (33).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (34).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (35).
ويقول الله سبحانه وتعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} (36).
رابعاً: التعاون وهو قوام المجتمع البشري؛ فما من شيء من المنتوجات الزراعية أو الصناعية أو غيرها إلا وقد تعاونت على إنتاجها أيدي وعقول متعددة، ولا يوجد ولن يوجد شيء من نتاج شخص واحد، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (37).
والألفة التي تُعَبِّر عن سعة الأفق، ورحابة الصدر، وطهارة القلب، والمرونة وعدم التعقيد، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (38).
والألفة التي تنتشل الإنسان الفرد والمجتمع من حضيض حياة الغاب والوحشية إلى سمو حياة الأخوة الإيمانية، والنظارة الإنسانية، وتُحقِّق الوئام والانسجام الاجتماعي، وتنزع أغلال القلوب إلى أن ترتقي بالمجتمع إلى الوحدة والاتحاد، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (39).
والألفة التي تحقق وئام وانسجام الإنسان مع الطبيعة وتحولاتها وتغيراتها، يقول الله سبحانه وتعالى: {لإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ} (40).
والاعتصام بحبل الله الذي تجسَّد في القرآن وعترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ وبهما يترسخ الإيمان بالله، ويتحرر الإنسان من الجبت، ويكفر بالطاغوت؛ وهما العروة الوثقى التي يجب التمسك بها لتحقيق الوحدة الإيمانية، والاتحاد الاجتماعي الذي يحفظ القوة، ويُوجد المكنة، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (41).
يقول الله سبحانه وتعالى: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (42).
الهوامش:
(1) سورة البقرة: 165.
(2) سورة آل عمران: 31.
(3) سورة المائدة: 54.
(4) سورة الحشر: 9.
(5) سورة الروم: 21.
(6) سورة الممتحنة: 7.
(7) سورة التوبة: 108-109.
(8) سورة آل عمران: 76.
(9) سورة التوبة: 4.
(10) سورة التوبة: 7.
(11) سورة البقرة: 222.
(12) سورة التوبة: 108.
(13) سورة المائدة: 93.
(14) سورة البقرة: 195.
(15) سورة آل عمران: 134.
(16) سورة المائدة: 13.
(17) سورة آل عمران: 159.
(18) سورة المائدة: 42.
(19) سورة الحجرات: 9.
(20) سورة الممتحنة: 8.
(21) سورة الصف: 4.
(22) سورة آل عمران: 146.
(23) سورة آل عمران: 134.
(24) سورة البقرة: 237.
(25) سورة آل عمران: 159.
(26) سورة البقرة: 109.
(27) سورة المائدة: 13.
(28) سورة الحجر: 85.
(29) سورة التوبة: 105.
(30) سورة النجم: 39-40.
(31) سورة العنكبوت: 69.
(32) سورة آل عمران: 133.
(33) سورة المائدة: 48.
(34) سورة البقرة: 148.
(35) سورة التوبة: 100.
(36) سورة الواقعة: 10-11.
(37) سورة المائدة: 2.
(38) سورة الأنفال: 62-63.
(39) سورة آل عمران: 103.
(40) سورة قريش: 1-2.
(41) سورة آل عمران: 103.
(42) سورة الأنفال: 46.