هذا ما تعلمناه من الثورة الحسينية... حصاد ونتائج

السبت 11 نوفمبر 2017 - 09:12 بتوقيت مكة
هذا ما تعلمناه من الثورة الحسينية... حصاد ونتائج

إن مكانة الحسين (ع) كانت معلومة عند المسلمين أنه سبط رسول الله (ص) وإبن فاطمة الزهراء (ع) وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، وأنه من قال عنه رسول الله (ص) أنه سيد شباب أهل الجنة، وأنه إمام قام أو قعد ... ولذا فإن إقدام السلطة على قتل ريحانة الرسول (ص) وسبطه الوحيد في ذاك العصر وبتلك الطريقة المأساوية، قد أدى إلى ردة فعل شعورية متعاطفة مع قضية الحسين (ع) وناقمة على قاتليه .

بقلم الدكتور الشيخ محمد شقير

1. ان قراءة تجربة الثورة الحسينية والوصول إلى هذه النتيجة بأن السلطة الأموية التي كانت قريبة عهد بحياة رسول الله قد عملت على اختراق تراث الرسول (ص) وسنته من خلال علماء البلاط وتجار الرواية من اجل تشكيله بطريقة تنسجم ومصالحها؛ ان هذه النتيجة تؤكد علينا أن نعيد قراءة التراث الديني والإسلامي آخذين بعين الإعتبار أن العامل السلطوي كان له أكثر من اثر في تكوين ذاك التراث، مما يؤكد علينا ضرورة تمحيصه والتدقيق فيه من أجل أن نكتشف النصوص السلطوية التي عملت السلطة على إنتاجها وزرعها قي مفاصل ذاك التراث، وأن نستحضر من جديد تلك النصوص التي همّشتهاّ السلطة أو عملت على تحييدها أو تأويلها بغية إبعاد مفعولها عن المساهمة في تشكيل الوعي السياسي والإجتماعي للمجتمع الإسلامي.

إن الدعوة التي أود تسجيلها هنا هي دعوة منهجية بمعنى أن نأخذ بالحسبان في المنهجية المعتمدة لقراءة التراث الديني احتمال دخالة السياسي بشكل أو بآخر في هذا النص أو ذاك، من اجل أن نؤسس لعملية تنقية التراث الإسلامي من الرواسب السلطوية التي أضفت عليها السلطة هالة من القداسة لمصالح آنية ومحدودة، لكن أثرها التخريبي ما زال مستمرأ إلى الآن.

2. إن من يتحدث عن عدم الحصيلة المهمة للثورة الحسينية يحتاج إلى قراءة دقيقة لتلك الثورة آخذاً بعين الإعتبار - فيما يجب أن يأخذه - ذلك البعد الإصلاحي الديني للثورة وذلك الهدف المعرفي - الديني والذي هو هدف أساس ومهم، إذ أن من نتائج حركة الإمام الحسين (ع) وشهادته أنها حطمت تلك الواجهة الدينية التي كانت تتلطّى السلطة خلفها وقضت على أي اثر لكل تلك الصناعة المعرفية التي جهدت السلطة على إنتاجها لتسهم في نسج الوعي الإسلامي العام.

إن السلطة الأموية قد استعانت ببعض الرموز الدينية لتعطي لباساً دينياً لثقافتها المنحرفة - ثقافة السلطة - لكن مع إقدامها على قتل الإمام الحسين (ع) سبط الرسول (ص) الذي جعله الرسول إماماً وهادياً؛ لم يعد يجديها أي تبرير ديني أو ينفعها أي تستر، لقد سقطت دينية السلطة وسقط كل تنظير لمشروعيتها الدينية، وبان بشكل لا لبس فيه أن تلك السلطة لا تقيم أي وزن للدين وحرماته لان سلطة تقتل سبط الرسول (ص) وحبيبه لا يمكن أن تكون سلطة دينية، وعليه فان من النتائج المهمة جداً لشهادة الإمام الحسين (ع) هو إفقاد السلطة الأموية سلاحاً هاماً كان في يديها ألا وهو السلاح الديني والمعرفية الدينية، وإلا لو لم تفقد السلطة هذا السلاح الخطير لكان حجم الأضرار والمفاسد كبيراً وخطيراً أكثر من الخطر والضرر المترتب على وجود السلطة نفسها، إذ إن السلطة يزول أثرها بزوالها لكنها إذا تركت تراثاً منحرفاً وفاسداً باسم الدين فإن تلك المفاسد ستستمر باستمرار ذلك التراث أو باستمرار آثارها وبصماتها عليه.

3. إن تجربة السلطة الأموية هي نموذج لتلك السلطة التي تسعى دوماً لزيادة سلطتها وقوة نفوذها من خلال إضافة بعض العناصر السلطوية إلى سلطتها المملوكة، والمقصود بالسلطة هنا هو معناها العام الذي يتسع لكل ما من شأنه أن يمارس تأثيراً في الوسط الإجتماعي والسياسي، وعليه فإن تلك السلطة عندما تجد مؤسسة ما أو منظومة ما أو عقيدة تمتلك ذلك التأثير فإنها تكون أمام خيارات، فإما أن تصطدم بتلك السلطة المنافسة في محاولة منها لإبعاد خطر تأثيرها، أو أن تعمد إلى احتوائها والسيطرة عليها أو في الحد الأدنى الإستفادة منها بالقدر المطلوب، لكن لا شك أن الخيار الآخر إذا كان متاحا فسيكون الخيار الأفضل قي حسابات السلطة.

إن قوة تأثير الدين في الوسط الإجتماعي والسياسي كان ولا يزال يمثل مشكلة جديّة للسلطة الحاكمة - تلك السلطة المصابة بالنزعة الإحتكارية - وهي ستسعى إلى احتواء تأثير الدين والى الإمساك بزمام السلطة الدينية أو محاولة الإستفادة منها بمستوى أو آخر، وخصوصاً إذا كان هناك علاقة وثيقة بين السياسي والديني، عندها سيكون من الضروري الحصول على المشروعية الدينية من اجل الحصول على المشروعية السياسية أو من اجل الإستقواء السياسي، إن هذه المعادلة توضح جدلية العلاقة بين السياسي والديني التي يمكن أن نراها بوضوح في التاريخ السياسي الأموي الذي يمثل حقلاً خصباً لتلمس كل مظاهر تلك الجدلية وآلياتها من اجل تقدم رؤية واضحة وكاملة لها، لأنها ليست حكرا على التجربة الأموية بل هي في كل زمان نجد فيه تعدد في السلطات - التأثير - فعندما تجتمع السلطة السياسية والسلطة الدينية قي ميدان واحد سنجد تمظهراً لتلك الجدلية، وسنجد من طرف السلطة السياسية إما قبولاً بالسلطة الدينية أو رفضاً لها أو محاولة للإستفادة منها بأي شكل من الأشكال، أما من طرف السلطة الدينية فسنجد إما ممانعة أو مسايرة أو استعداداً لعقد صفقات قد يتم فيها حتى تجاوز الدين نفسه.

إن المجتمع عامة يحتاج إلى إدراك تلك الجدلية ووعيها حتى يمتلك القدرة على التمييز بين سلطة سياسية تعترف لسلطة أخرى بوجودها وتحترم تأثيرها وتكون على استعداد للتعايش معها، وبين سلطة سياسية لا تعترف بوجود سلطة أخرى، وهي في افضل الاحتمالات تسعى إلى تجييرها لصالحها والإمساك بزمامها، أو إن خيار مواجهتها والقضاء عليها بكون وارداً.

كما انه يحتاج إلى التمييز بين سلطة دينية - أو رموز دينية - تحافظ على مبادئها وقيمها الدينية وتكون على استعداد للذهاب إلى ابعد مدى في عطائها وتضحياتها احتراماً لعقيدتها وصوناً لرسالتها، وبين سلطة دينية - أو رموز دينية - تكون على استعداد للتخلي عن تلك المبادئ والقيم لقاء مكاسب دنيوية، بل ربما تقبل حتى بتحريف الدين نفسه والدس فيه إذا بذل لهم ما يرغب في مثله كما شهدنا في تلك التجربة المعبرة التي دونتها السلطة الأموية في سجل التاريخ.

4. في مقابل تلك النزعة الإحتكارية للسلطة السياسية فإن النص الديني يملك من عناصر الحصانة ما يحول دون تحول المؤسسة الدينية ورموزها إلى أدوات بيد تلك السلطة لتحركها في الإتجاه الذي يخدم مصالحها.

إن ذلك الجانب من النص الديني الذي يحصن أداء المؤسسة الدينية ويزرع فيها بذور الممانعة؛ إن هذا الجانب يجب تفعيله بأن يؤخذ من النص الديني ويعمل على إنشاء خطاب يعتمد تلك المادة من النص، وان يعمل على تكوين ثقافة مستمدة من ذلك النص لتكون ثقافة الممانعة في مقابل جنوح السلطة ومغرياتها.

إن هذه الثقافة يجب أن تكون عنصراً أساسيا في المادة المعرفية التي تستهلكها تلك المؤسسة، فضلاً عن أن النص الديني بطبيعته وبهدفيته يأخذ إلى عالم الغيب، وهو وإن كان يسبح في عالم الدنيا ويشرع لها ولا يهمشها، لكنه يجعل منها ممراً إلى الآخرة والى رضوان الله.

ومع ذلك فإن قسماً من ذلك النص قد توجه مباشرة لعلاج قضية العلاقة مع السلطة – الدنيا، وقال إذا رأيتم العلماء على أبواب الحكام فبئس العلماء وبئس الحكام، وحذر من حب الشهرة ومن طلب الجاه والسمعة، وليس لديكم ما نرجوه ولا لدينا ما نخاف منكم عليه...

إن المؤسسة الدينية - برموزها وأشخاصها - يجب أن تكون تعبيراً عن ذلك النص، والنص يجب أن يتجلى فيها ومن خلالها، وبجب أن تحكي النص وتحكي عنه، بل إن دينيتها هي بمقدار ما تكون معبرة عنه ومجليّة له.

ولذلك فإن ثقافة الممانعة وأخلاقية الحصانة وعلو الجانب أمام دنيا السلطة وسلطة الدنيا، كل ذلك يجب أن يكون واضحا في سلوك تلك المؤسسة وماثلاً في أدائها، أما إذا وجدنا بوناً بين ما يحكيه ذلك النص وما تفعله تلك المؤسسة فبئس العلماء وبئس مؤسستهم.

5. إن تعرض الدين لخطر الإنحراف وتراث رسول الله للضياع يتطلب في بعض الأحيان الكثير من التضحيات قد تصل إلى حد تقديم الأنفس والأموال في سبيل حفظ هذا الدين وحمايته من الفساد والإنحراف، كما حصل مع الإمام الحسين (ع)، إن حاجة الدين لمثل تلك التضحيات الجسيمة هي بمثابة اختبار لمعادن الرجال وبها تعرف الأحوال؛  ففي مثل ذلك الظرف العصيب حيث أخذت السلطة الأموية تحَطّم الدين باسم الدين وتنتهك شريعة رب العالمين، عندها يعرف من يملك الغيرة أكثر على الدين ومن يكون مستأمناً على حمايته وحفظه بل ويكون مستعداً للتضحية من اجل صونه من أيادي الفساد والإنحراف.

إن حرب السلطة الأموية على الدين إستطاعت أن تكشف من هم الوارثين فعلاً لرسول الله (ص) ومن هم الذين كانوا حريصين على تراثه وجهده وجهاده حتى لا تدوسه ص عجلة السلطة.

إن حادثة كربلاء رغم كل تلك المآسي التي تركتها وما حدث فيها وبعدها فإنها أثبتت أن مدرسة أهل البيت (ع) هي التي كانت معدة ومعينة من رسول الله (ص) لقيادة المشروع الإسلامي على كافة المستويات، وما كان خروج الإمام الحسين (ع) إلا بدافع من الدين ومن أجل هذا الدين نفسه، ولذلك صدق من قال ان الإسلام محمدي الوجود وحسيني البقاء، لأن حسيناً من محمد (ص) ومحمد (ص) من حسين وكلهم من أهل بيت واحد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

6. إن المدرسة التي خرج قادتها من أجل حماية الدين وحفظه وكان جل إهتمامها وجهدها وجهادها من اجل أن يصل الدين إلينا سليماً من أي انحراف، والتي واجهت عمليات الوضع وتجار الحديث وسماسرة الرواية لنمسك بإرث رسول الله خاليا من عبث السلطة؛ إن هذه المدرسة عندما جهدت من اجل أن يصل إلينا الدين بتلك الصورة النقية وعملت على نقل تراث رسول الله خلفاً بعد سلف، فهذا يعني أنها المدرسة التي يمكن الركون إليها أكثر والاعتماد عليها أكثر والوثوق أكثر بما نقلته بعنوان كونه مأخوذاً عن رسول الله (ص)؛ إن مدرسة تجعل من أولى اهتماماتها حفظ ذلك التراث وتقدم الغالي والنفيس من اجل وصوله إلينا سليماً ويستشهد قائد من قادتها في سبيل ذلك - وهو الإمام الحسين (ع) - لهي المدرسة التي يمكن الإطمئنان أكثر إلى تلك الأمانة التي حملتها طيلة عقود من الزمن حتى تسلمنا إياها، وأعني بتلك الأمانة ذلك الرصيد الروائي المنقول عن رسول الله (ص) والذي له دور أساسي ومهم في شرح الدين وتبيين مفاهيمه وتحديد أحكامه؛ إن حادثة كربلاء تفصح عن حقيقة هامة ألا وهي ان المادة الروائية التي نقلها أئمة أهل البيت (ع) يجب أن تأخذ دوراً أساسياً في صياغة المفاهيم الدينية وإنتاج كل الأحكام التي ترتبط بالدين من قبل كل المسلمين، وألا يتم حصر تلك المادة في اتجاه إسلامي محدد بحيث تُحرم منها بقية الإتجاهات الإسلامية، لأن تراث رسول الله الروائي ليس لمذهب دون آخر بل هو لجميع المسلمين ومن حقهم بل عليهم أن يستفيدوا منه.

7. عندما نكتشف وجود مؤسسة دينية سلطوية ووجود تشكيلة من علماء البلاط وخصوصاً أولئك الذين تعاونوا وتعاملوا مع السلطة الأموية، يجب عندها أن يكون لإنخراط أحد الرواة في تلك التشكيلة نتيجة سلبية في ميزان الجرح والتعديل، وان يتم التعامل مع روايته بحذر شديد لأن قبوله بالإنضمام إلى تلك المؤسسة التي تُستغل ويستفاد من رموزها من اجل الإفساد الديني وتخريب المفاهيم الدينية هو بمثابة علاقة سلبية في ميزان الجرح والتعديل، بل إن مجرد الانضمام إلى أي من مؤسسات تلك السلطة - والتي هي سلطة منحرفة عن الدين وتعمل على محاربته - يجب أن يؤخذ على أساس انه مؤشر سلبي بحق ذاك الراوي.

إن مجموعة من نقلة الرواية كانت لهم علاقات وطيدة مع السلطة الأموية، بل إن البعض منهم تزعم بعض أعمالها . إن هؤلاء قد نقلوا إلينا كماً من الروايات التي تفرض علينا الدقة والموضوعية دراسة روايتهم بمنهج مختلف، ولربما يكون لصدقية وصفهم بالسلطوية نتيجة سلبية على مجمل رصيدهم الروائي.

8. إن الإمام الحسين (ع) في الوقت الذي استطاع بدمائه أن يحفظ الدين. وان يعطي بشهادته القوة والدفع لمدرسة أهل البيت (ع) وان يحطم المدرسة الفكرية للحزب الأموي؛ فإنه استطاع أن يحقق إنجازاً آخر عظيماً لا تقل عظمته عن عظمة ذلك الإنجاز في عصره ألا وهو ترسيخ نهج الإستشهاد في سبيل الحفاظ على الدين، ومن اجل استمراره نقياً سليماً من أي انحراف حتى يصل إلى جميع الناس لم تدخله بدعة ولم تعتريه شبهة لا يؤثر فيه وضع واضع أو يخترقه كذب كاذب.

لقد استطاع الإمام الحسين (ع) بشهادته أن يرسخ في وعي الأمة قيماً ساهمت وتساهم في استمرار هذا الدين، ان قيماً كالغيرة على الدين والتضحية من اجل العقيدة والاستشهاد في سبيل مقاومة الفساد والإنحراف؛ هي قيم دخلت في صميم وعي المسلمين وتجذرت قي نفوسهم وألفت قناعاتهم.

إن هذا النهج الذي أعطته شهادة الحسين (ع) رونقاً خاصاً، وأضافت إليه عاشوراء اكثر من معنى هو صمام أمان أساسي وعامل مهم من اجل استمرار الروح الدينية حية دفّاقة في وعي المسلمين ووجدانهم.

9. في معرض نقاشنا لمن يقول بعدم الحصيلة المهمة لثورة الإمام الحسين (ع) نستطيع أن نقول بنتائج أساسية ومهمة لتلك الثورة ولو على المستوى البعيد والاستراتيجي، لقد تحدثنا عن نتائج مهمة على مستوى المعرفية الدينية فيما يرتبط بالحفاظ على الدين وإسقاط المشروعية الدينية وبالتالي السياسية عن السلطة الأموية، ولا شك أن هذه النتيجة قد أدت إلى  ضعف تلك السلطة والى التمهيد لإسقاطها بعد عقود من الزمن.

واستطاع الإمام الحسين (ع) أن يشق طريق المواجهة مع السلطة الأموية من خلال تعريتها وفضحها بالكامل، ومن خلال كسر حاجز الخوف وتحريك إرادة الأمة التي وهنت وبعث عزيمتها التي خمدت، وهو ما أدى إلى حصول ثورات متتابعة ومتلاحقة كثورة المختار والتوابين التي ساهمت كل منها قي إضعاف السلطة الأموية وفي تقريب اجل سقوطها.

فضلاً عن كل ذلك يمكن لنا أن نشير إلى نتيجة من نتائج الشهادة لا تقل أهمية عما عداها، هذه النتيجة التي ساهمت بدورها في إضعاف السلطة وزرع شعور النقمة عليها، وهو ما عبر عنه يزيد عندما قال إن قتل الحسين (ع) قد كرّه المسلمين به.(الأمويون و الخلافةص93)

إن مكانة الحسين (ع) كانت معلومة عند المسلمين أنه سبط رسول الله (ص) وإبن فاطمة الزهراء (ع) وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، وأنه من قال عنه رسول الله (ص) أنه سيد شباب أهل الجنة، وأنه إمام قام أو قعد ... ولذا فإن إقدام السلطة على قتل ريحانة الرسول (ص) وسبطه الوحيد في ذاك العصر وبتلك الطريقة المأساوية، قد أدى إلى ردة فعل شعورية متعاطفة مع قضية الحسين (ع) وناقمة على قاتليه وعلى الذين إرتكبوا تلك المأساة الرهيبة التي أدمت قلوب المسلمين وصدمت وجدانهم، فهاجت المشاعر حقداً وكرهاً ونقمة على السلطة وأعوانها؛ في الوقت الذي استطاعت العاطفة أن تخلد قضية الحسين (ع) وان تحافظ عليها حية وحارة في قلوب المؤمنين فإن شعور النقمة والكره لرموز الجريمة وأدواتها ساهم ويسهم في عزل وإقصاء كل ما يرتبط بالسلطة. إن نظرة المجتمع الإسلامي بعين الكره للسلطة الأموية قد أجج مشاعر العداء نحوها ، تلك المشاعر التي إستفحلت أكثر بسبب الجرائم المتتالية التي كانت ترتكب من إستباحة المدينة إلى هدم الكعبة إلى القتل على التهمة وإظهار العداء لآل بيت النبي (ص)... إن كل ذلك أدى إلى زرع العداوة في قلوب المسلمين بالنسبة إلى الأمويين، هذه العداوة التي كانت تتفجر بين حين وآخر ثورة هناك وثورة هناك، إلى أن قضت على سلطانهم وإبادتهم ولم تبق لهم من ذكر إلا لذاكر متعظٍ أو داع عليهم بالويل والثبور، أو لاعن لأهل الظلم ومن أعانهم وشايعهم ورضي بفعلهم.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

السبت 11 نوفمبر 2017 - 09:01 بتوقيت مكة