سبعة أمور لا يعرفها الكثير من المسلمين عن واقعة كربلاء

الجمعة 10 نوفمبر 2017 - 12:24 بتوقيت مكة
سبعة أمور لا يعرفها الكثير من المسلمين عن واقعة كربلاء

مقالات - الكوثر

بقلم: محمد يسري*

في يوم الاثنين العاشر من شهر محرم سنة 61ه، الموافق 12 أكتوبر 680م، جرت حادثة كبرى في أرض كربلاء، التي تقع في العراق، وهي مقتل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب وجماعة من أهله وأصحابه على يد الجيش الأموي، الذي اعترض طريق الحسين ومن معه أثناء توجههم إلى الكوفة.

تُعتبر هذه الحادثة من أهم التحولات التي جرت في التاريخ الإسلامي كله، فمقتل الحسين حفيد الرسول، وابن ابنته فاطمة الزهراء بتلك الطريقة البشعة، مثّل صدمة كبرى للمسلمين. وبات المسلمون سنة وشيعة، يستذكرون مأساة أهل بيت نبيّهم، كلما حلّت بهم ذكرى عاشوراء. وعلى الرغم من شهرة تلك الحادثة، وتواتر أخبارها، فإن هناك أسئلة عدة مرتبطة بها، لا تزال مجهولة عند الكثير من المسلمين.

هل تنبأ الرسول بقتل الحسين في كربلاء حقاً؟

يعتقد عموم الشيعة الإمامية أن الرسول تنبأ بمقتل الإمام الحسين في كربلاء منذ صغره، كما يعتقدون أن الحسين كان يعرف مصيره قبل أن يتوجه إلى كربلاء. فالشيخ الشيعي محمود الشريفي ينقل في كتابه “كلمات الإمام الحسين”، أن الروايات الشيعية تتفق على أن الحسين حين وصل إلى كربلاء قال: “هذا موضع كرب وبلاء، ههنا مناخ ركابنا، ومحط رحالنا، ومقتل رجالنا، ومسفك دمائنا”.

ولا تنحصر الروايات التي تنبأت بمقتل الحسين في كتب الشيعة فقط، بل الحقيقة أن الكتب السنية امتلأت أيضاً بالأحاديث النبوية التي تذكر قتل الحسين وموضع قتله. فيذكر ابن عساكر (571ه) في “تاريخ دمشق”، عن عائشة أم المؤمنين، أنها سمعت من الرسول، أنه “يُقتل الحسين في أرض بابل”. كما أن عدداً من كتب الحديث السنية مثل “مسند أحمد بن حنبل”، و”المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري”، تذكر أن جبريل أتى الرسول، وأخبره بمقتل الحسين في أرض الطف، الأمر الذي أبكى الرسول وأحزنه.

وما يؤكد تلك الأحاديث السابقة، أن عدداً كبيراً من الشيوخ وعلماء الحديث السنة المعاصرين صححوها ووثقوها مثل العلامة أحمد شاكر والشيخ الألباني.

ما هو موقف الصحابة من خروج الحسين لكربلاء؟

قد يكون المعتقد السائد لدى الجزء الأكبر من المسلمين، أن الصحابة وقفوا مع الحسين في محنته، ولم يتخلوا عنه أو يتركوه وحيداً لمصيره المفجع، ولكن الحقيقة التاريخية تختلف كثيراً عن ذلك المعتقد المثالي.

عام 61ه، كان الكثير من الصحابة قضوا نحبهم، إما في الغزوات والفتوحات الإسلامية، وإما في الحروب الأهلية التي جرت عقب مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وإما لانقضاء أجلهم ووفاتهم بشكل طبيعي.

أدى ذلك إلى ظهور جيل جديد من الصحابة، وشارك في الأحداث السياسية بقوة. وأهم زعماء هذا الجيل هم العبادلة الثلاثة، عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن العباس، ومعهم الحسين بن علي.

وتراوح موقف كل منهم تجاه خروج الحسين بحسب مبادئه واعتقاده ومصلحته الشخصية. فعبد الله بن عمر لم يثبت عنه في كتب التاريخ أنه نصح الحسين أو نهاه عن الخروج. فكان ابن عمر يرى ضرورة طاعة الحاكم لا الخروج عليه أو الثورة ضده.
أما إبن الزبير فتتفق الكتب التاريخية، ومنها تاريخ الطبري والكامل لإبن الأثير ومقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصبهاني، على كونه قد شجّع الحسين على الخروج إلى العراق والثورة على يزيد بن معاوية، فكان مما قاله له: “فما يحبسك، فوالله لو كان لي مثل شيعتك بالعراق ما تلوّمت في شيء”.

وكان غرض إبن الزبير أن يخرج الحسين من مكة، فيتفق المكيون عليه هو إن أعلن الثورة في ما بعد، الأمر الذي حدث فعلاً بعد مقتل الحسين.

أما عبد الله بن العباس، فقد حاول أن يمنع الحسين من الخروج بكل طريقة ممكنة، حتى ورد في “مقاتل الطالبيين”، أن إبن العباس قال للحسين: “والله لو أعلم أني إذا تشبثت بك وقبضت على مجامع ثوبك، وأدخلت يدي في شعرك حتى يجتمع الناس عليّ وعليك، كان ذلك نافعي لفعلته، ولكن إعلم أن الله بالغ أمره”.

 

من هو قائد الجيش الأموي في كربلاء؟

من المعلومات التي يجهلها الكثير من المسلمين، أن قائد الجيش الأموي الذي اعترض الحسين وقتله، هو عمر بن سعد بن أبي وقاص، وسعد بن أبي وقاص هو واحد من كبار الصحابة، والسابقين الأولين إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، بحسب روايات أهل السنّة. كما أن له دوراً كبيراً في فتوحات المسلمين في العراق، إذ كان قائداً لجيش المسلمين في معركة القادسية.

ولعل السؤال الذي يدور في ذهن القارئ حول السبب الذي يجعل من إبن هذا الصحابي، قائداً للجيش المكلف بقتل حفيد الرسول(ص).

الإجابة ببساطة هي المصالح الدنيوية، فالعديد من الكتب التاريخية تتحدث عن رغبة عمر بن سعد العارمة في تولي منصب أمير الري، الأمر الذي استغله الأمويون وواليهم على الكوفة “عبيد الله بن زياد”.

يذكر إبن العمراني في كتابه “الإنباء في تاريخ الخلفاء” أن إبن زياد قال: “من أتاني برأس الحسين فله الري، فتقدم إليه عمر بن سعد بن أبي وقّاص وقال له: أيها الأمير إكتب لي عهد الري حتى أفعل ما تأمر”. وبالفعل، صدق والي الكوفة بوعده، وعيّن عمر بن سعد في منصب حاكم الري بعد مقتل الحسين.

 

من هو قاتل الحسين؟

تختلف المصادر التاريخية بشكل كبير في تحديد اسم قاتل الحسين، لأن جماعة من الجيش الأموي اشتركت في قتله. لكن مع ذلك يبقى “شمر بن ذي الجوشن”، هو الإسم الذي تذكره معظم الروايات على أنه الشخص الذي أجهز تماماً على الحسين وقطع رأسه وفصله عن جسده. وكل ما نعرفه عن شمر هو أنه كان مصاباً بالبرص ودميم الخلقة، وأنه سارع إلى والي الكوفة مطالباً بالجوائز والذهب والفضة بعد قطعه رأس الحسين. وقد أضحى شمر نموذجاً ومثالاً للشر الكامل في العقلية الشيعية، حتى صار عذابه يوم القيامة مضرب الأمثال، فيقال “فلان أشد عذاباً من شمر”.

من قُتل مع الحسين في كربلاء؟

استشهد مع الإمام الحسين الكثير من أنصاره وأهل بيته وأقاربه، ويقول “ابن كثير” إن عددهم 23 رجلاً. وكان أول من قُتل منهم هو “مسلم بن عقيل بن أبي طالب”، الذي أرسله الحسين إلى الكوفة لمقابلة أنصاره وحشدهم في انتظار قدومه عليهم، لكن والي الكوفة تنبه إلى قدومه فقبض عليه وقتله.

أما في المعركة نفسها، فقُتل العديد من أبناء الحسين وإخوته. وأشهرهم أخوه العباس بن علي”، الذي كان يُعرف بقمر بني هاشم. وتناول أبو الفرج الأصفهاني في كتابه “مقاتل الطالبيين”، قصة مقتله أثناء إحضاره للماء لسقاية الحسين، حين أحاط به جمع من الأمويين فقطعوا يده اليمنى ثم اليسرى، ثم أجهزوا عليه تماماً ومنعوه من توصيل الماء لمعسكر الحسين.

ويحتل العباس موقعاً متميزاً في المذهب الشيعي، ويزور ضريحه في كربلاء الكثير من الشيعة، وتُنسب له الكرامات والخوارق، كما اشتهر بلقب “ساقي العطاشى”.

ويعتبر “عبد الله” الرضيع إبن الحسين واحداً من أبرز ضحايا مذبحة كربلاء.  يذكر أبو الفرج الأصفهاني أن أحد أفراد الجيش الأموي يُدعى حرملة رماه بسهم وهو بين يدي والده فقتله.

ومن أنصار الحسين الذين قتلوا في كربلاء، “زهير بن القين”، الذي يذكر المجلسي في كتابه “بحار الأنوار” شجاعته وبأسه في قتال الأمويين، وأنه لم يُقتل حتى قتل 120 رجلاً وحده. كذلك “الحر بن يزيد الرياحي”، الذي يذكر الطبري في تاريخه، أنه كان أحد قادة الجيش الأموي، فلما عرف نية عمر بن سعد في قتل الحسين وتأكد منها، انضم إلى الحسين وقاتل معه حتى قتل.

من هم الناجون من مذبحة كربلاء؟

استطاع عدد قليل من أهل بيت الحسين النجاة، من هؤلاء “زينب بنت علي بن أبي طالب” و”سكينة بنت الحسين”. كما أن “علي بن الحسين”، زين العابدين أو السجاد، كان الوحيد من أبناء الحسين الذي ظل حياً بعد كربلاء. والسبب في ذلك، بحسب ما يرويه “الذهبي” في كتابه “سير أعلام النبلاء”، أن علي بن الحسين كان مريضاً وقت المعركة فاعتزل القتال، وبقي مع النساء والأطفال، فلما هجم الأمويون على معسكر الحسين قبضوا عليه وأسروه، وأرسلوه مع الباقين إلى الكوفة.

وقد تعرض الناجون من تلك المذبحة إلى المهانة والذل على يد “عبيد الله بن زياد” والي الكوفة، فدخلوا إلى المدينة مكبلين بالحديد والأصفاد، واقتيدوا كما يقتاد الأسرى والعبيد إلى قصر الوالي. وهناك جرت مناظرة رائعة بين زينب وابن أخيها علي من جهة وابن زياد من جهة أخرى.

وبعد ذلك بقليل، تم نقلهم إلى الشام مع رأس الحسين إلى قصر يزيد، وعومل نساء أهل البيت في الطريق كسبايا. وبعد الإفراج عنهم عادوا إلى المدينة المنورة، حيث أقاموا، وبقي فيها علي بن الحسين، لم يخرج منها. وعرف عنه حبه للعلم وانقطاعه للعبادة وبعده عن أمور السياسة والحكم، حتى عُرف باسم “زين العابدين” واشتهر بلقب “السجاد”.

ونلاحظ أن هناك أهمية كبرى لنجاة علي بن الحسين من القتل في معركة كربلاء، بالنسبة لأصحاب المذهب الشيعي. إذ يعتبر الشيعة الإمامية أن علي بن الحسين هو الإمام الرابع في سلسلة أئمتهم الإثني عشر، وقد انتقلت إليه علوم آل البيت بُعيد استشهاد أبيه الحسين في كربلاء.


أين دفن الحسين؟

يتفق الكثير من المؤرخين، مثل الطبري والمسعودي وأبي الفرج الأصفهاني، على أن جسد الإمام الحسين تم دفنه في كربلاء، في ساحة المعركة التي شهدت مقتله.  يذكر الداوداري في كتابه “كنز الدرر وجامع الغرر”: “ووجد في الحسين صلوات الله عليه ثلاثة وثلاثين جرحاً، ودفنه أهل الغاضرية من بني أسد، ودفنوا جميع أصحابه بعد قتلهم بيوم واحد بكربلاء”.

أما رأس الحسين، الذي حمله الأمويون معهم إلى الكوفة، فبعث به الوالي إلى الخليفة يزيد بن معاوية في الشام.

وهناك اختلاف وتضارب كبير في الأقوال والروايات حول مصير الرأس بعد وصوله دمشق. يذكر “ابن كثير” الآراء المختلفة بشأن ذلك في كتابه “البداية والنهاية”. فيقول إن الرأي الأول هو أن يزيد بعث برأس الحسين إلى المدينة حيث تم دفنه في البقيع. الرأي الثاني يقول إنه تم الاحتفاظ بالرأس في إحدى الخزائن الأموية، حتى توفي يزيد، فأُخذ الرأس ودفن في دمشق.

أما الرأي الثالث، فهو رأي للمؤرخ المصري تقي الدين المقريزي، الذي ذكر في كتابه “الخطط المقريزية”، أن رأس الحسين دفن في مدينة دمشق ثم تم استخراجه وأعيد دفنه في مدينة عسقلان، وبقي بها حتى بدأت الحروب الصليبية على بلاد الشام، فخاف الفاطميون من استيلاء الصليبيين عليه، فنقلوه إلى مصر ودفنوه في الموضع الذي يوجد في جواره الآن مسجد الحسين المعروف في القاهرة.

*محمد يسري باحث في التاريخ الإسلامي والحركات السياسية والمذهبية، صدر له عدد من الدراسات والكتب المنشورة، منها الحشيشية والمهدية التومرتية، وثورة الأمصار: قراءة تحليلية في الروايات التاريخية.

الرسوم للفنان اللبناني أحمد عبدالله.

المصدر: شجون عربية

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الجمعة 10 نوفمبر 2017 - 12:24 بتوقيت مكة