بقلم الشيخ محمد شقير
إنتشرت منذ فترة غير بعيدة من الزمن وبشكل غير مسبوق جملة من الفضائيات ذات المضمون الطائفي أو المذهبي، وهي تقدم خطابها الإعلامي المذهبي بطريقة فيها الكثير من عدم الموضوعية والعلمية ومن الاثارة المذهبية والاستفزاز للآخر وما يحمله هذا الخطاب من التحريض والتكفير أو التشتيم ومن مضمون إلغائي يطرح الكثير من علامات الإستفهام حول هذه الفضائيات ومخاطرها الجسيمة على العلاقات الإنسانية عامةً والاسلامية – الاسلامية بشكل خاص.
الرؤى والتصورات للتعامل معها والوقوف بوجهها
بداية نتحدث في جملة تلك المخاطر وأبرزها:
أولاً: إن ذلك الخطاب المذهبي لتلك الفضائيات يوفر مناخ الفتنة المذهبية والتقاتل بين المسلمين في جميع المجتمعات والبلدان.
ثانياً: يؤدي إلى إيجاد التوترات الإجتماعية في المجتمعات المختلطة مذهبياً بل وفي غيرها نتيجة التداخل الإجتماعي وغير الإجتماعي بين المسلمين.
ثالثاً: يسهم في إشغال المسلمين عن قضاياهم الراهنة ومشاكلهم القائمة في أكثر من مجال إقتصادي وإجتماعي وتنموي وغيره.
رابعاً: يعمل على إقفال أبواب التعاون بين المجتمعات والقوى والبلدان الإسلامية المختلفة مذهبياً في مختلف المجالات والميادين.
خامساً: يؤدي إلى إحداث تصدّعات خطيرة في المجتمعات الاسلامية على أكثر من مستوى نفسي وديموغرافي وإجتماعي وسياسي...
سادساً: يسمح في إستغلال تلك المناخات والشروخات التي يحدثها من قبل كل الاطراف والقوى التي تريد سوءاً بالإسلام وأمته.
سابعاً: يسهم في إستنزاف إمكانات ومقدرات المسلمين وبلدانهم في مواجهات عبثية وحروب لا تعود عليهم بأية فائدة.
ثامناً: يؤدي إلى إحياء كل العصبيات الكامنة واستثارة كل الغرائز المذهبية وتحويلها إلى دوافع للصراعات والحروب المختلفة.
تاسعاً: يعمل على تعطيل البعد العقلاني في تفكير المسلمين ومجتمعاتهم وقواهم على مستوى بناء الرؤى وتحديد المواقف والعلاقات فيما بينهم.
عاشراً: يؤدي إلى تضييع الأهداف المشتركة والتحديات الكبيرة التي تواجه الأمة الاسلامية والعربية كقضية فلسطين والعمل على تحريرها...
حادي عشر: يسهم في تشويه صورة المسلمين والعرب وفي تأكيد الصورة النمطية التي تقدم في الغرب والقائمة على التخلف والعصبية واللاعقلانية والإستغراق في الماضي.
ثاني عشر: إضعاف كل ذلك البعد الواعي والهادف والمتمثّل في ثقافة الحوار والتعاون والتواصل والتعايش والوحدة والتقريب بين المسلمين.
ثالث عشر: تعزيز ثقافة القطيعة والإلغاء وتقوية منطق التكفير ورفض الآخر والإلغاء والإقصاء والدفع نحو الإضطهاد والتهميش وتقوية منطق التكفير ورفض الآخر.
رابع عشر: تسميم العلاقات الإسلامية - الإسلامية وايجاد أنواع متعددة من الفوبيا بين المسلمين كالشيعة فوبيا أو السنة فوبيا وغيرها.
يضاف الى جميع ما تقدم أن الإنسياق خلف ذلك الخطاب الإعلامي ونتائجه يعبّر عن مفارقة الدين والقرآن الكريم الداعي إلى الوحدة وعدم التفرقة أو التنازع، إن الأمة التي تهجر كتاب ربّها وهدى نبيّها لن يكون أمرها إلا إلى سفال وسيرها إلى ضلال وعزّها إلى زوال.
أمّا أهم الخطوات التي يمكن إتخاذها لمعالجة ذلك الأمر، فهي:
1- إنشاء مؤسسة إعلامية غير حكومية تشترك فيها جميع المرجعيات الاسلامية وتُعنى بمراقبة مجمل وسائل الاعلام خصوصاً الفضائيات العربية والاسلامية منها وتُصدر تقريرها الدوري الموثّق في هذا الشأن تمهيداً لإعتماد الإجراءات اللازمة.
2- العمل على استصدار قانون للإعلام في جميع الدول العربية والاسلامية يحول دون جنوح تلك الفضائيات بل وجميع وسائل الاعلام نحو كل ما من شأنه الإضرار بالعلاقات الإسلامية – الإسلامية والمجتمعية داخل البلدان العربية والاسلامية.
3- عقد ميثاق شرف بين جميع الفضائيات – ووسائل الإعلام عامة – يتضمن الإمتناع عن كل أعمال التحريض أو التكفير أو التجريح أو الإساءة أو الإستفزاز للآخر وما من شأنه الدفع نحو الفتنة المذهبية أو الطائفية.
4- العمل على تعزيز ثقافة الوحدة والتقريب والتعايش والقبول بالآخر في جميع وسائل الإعلام وخصوصاً الفضائيات المختلفة بهدف مواجهة تلك المخاطر وشرح أهمية الثقافة المقابلة لثقافة الفتنة لحاضر مجتمعاتنا ومستقبلها في جميع المجالات.
5- العمل على إيقاف فضائيات الفتنة المذهبية في البلاد العربية والإسلامية والضغط على الدول الغربية التي تأوي بعضاً من تلك الفضائيات لإيقافها من باب أنها تشجع على الكراهية والعنصرية والقتل بل وتؤثر على العلاقات معها.
6- العمل على شرح أهداف تلك الفضائيات ومخاطرها والأضرار التي يمكن أن تسببها لجميع المسلمين والعرب في أكثر من مجال و تفنيد المغالطات والأفكار التي تنشرها بين عموم الناس لتكوين حصانة مجتمعية تحول دون التأثر بضخها الإعلامي الفتنوي.
7- التعاون بين مختلف المرجعيات الإسلامية لإنشاء فضائيات متخصصة بثقافة التقريب والوحدة والتعايش والحوار... تشترك فيها جميع المذاهب الإسلامية ويكون من أهم أهدافها تقديم نموذج ناجح وحضاري في التعاون المشترك بين المسلمين، والقبول بالآخر والتنوع وكيفية ممارسة الإختلاف وثقافته .
المصدر : موقع الكاتب