المتفق عليه بين داعش والوهابية

الأحد 29 أكتوبر 2017 - 11:28 بتوقيت مكة
المتفق عليه بين داعش والوهابية

أفكار ورؤى - الكوثر.. الدواعش والوهابيون لا يرون سوى الجهاد والقتال طريقا للخلافة، فليس الطريق إلى الله مقبولا بالديمقراطية الكافرة،

عادل نعمان

قلنا إن الهدف واحد، وهو إقامة الدولة الإسلامية، تحكم بما أنزل الله. أما عن الوسيلة فهى وسيلة «الجهاد المقدس» وقتال أعداء الله من المشركين والمنافقين والمرتدين والشيعة من المسلمين، وكافة الديانات الأخرى فى بلاد المسلمين أو غيرهم. والدواعش والوهابيون لا يرون سوى الجهاد والقتال طريقا للخلافة، فليس الطريق إلى الله مقبولا بالديمقراطية الكافرة، فهي أعلى درجات الكفر، والتى تتخذها بعض الفصائل «تقية» أو تؤمن بها مرحليا. ونأتي إلى المتفق عليه بينهما فى الوسائل وهي كثيرة ومتشعبة ومتعددة الفروع، وكل أصل تستطيع أن تأخذ منه فروعا عدة:

أولا: اعتمادهم على «هالة إعلامية قوية» تصورهم قوة لا تقهر، قادرة على الوصول إلى أي بقعة فى الأرض، تبث الذعر والرعب فى نفوس الناس، وتصدر لهم الوحشية المفرطة والإيغال فى القتل، والإثخان فى الحرب، والتخريب والتشريد، والتمثيل بجثث الأموات، وسحلها وصلبها، وسفك الدماء والتنكيل بهم حرقا أو غرقا، أمواتا وأحياء، وحز الرقاب للانتقام «فيهزم الناس من الرعب بمسيرة شهر» وقد أتت أكلها تماما فى بداياتها فاستسلمت البصرة دون مقاومة تذكر، وترك الجنود سلاحهم خوفا وهلعا، وتسرب اليأس والرعب والوجل إلى نفوس الناس فى الأقاليم المجاورة، حتى كاد الناس أن يقفوا امتثالا للغزو والفتح. وسيطرت بها طالبان على كافة الأقاليم فى أفغانستان بسرعة فائقة، من هول ما صدروه للناس من صور القتلى فى إقليم باميان، وهم يربطون أرجل الأسرى بعضها ببعض، ويسكبون عليهم البنزين، ويحرقونهم أحياء، وكذلك صور أبناء الجنود والضباط الذين قتلوهم ثم صلبوهم على الأشجار، فخارت قوى المقاتلين، ووهنت عزيمتهم واستسلموا من الخوف والهلع. هذا فى التاريخ الحديث، أما قديما فكانت ذات الوسيلة معتمدة عند الوهابية، فى غزوة كربلاء فى عهد الأمير عبدالعزيز بن محمد «الدولة السعودية الأولى» عام 1802ميلادية، فقد نكلوا بأهل كربلاء، وأثخنوا فيهم القتل والتشريد، ونقلوا أخبار القتل والانتصار إلى البلاد والقبائل المجاورة، فكان الناس يهجرون بيوتهم ويلوذون بالصحراء، قبل وصول جنود الوهابية لغزوها هلعا وفزعا من سوء المنقلب والمصير، حتى ينهبوا ما شاء لهم أن يحملوه، وكانت الرسالة على لسان أميرهم سعود (لقد استولينا على كربلاء، واتخذنا أهلها عبيدا فالحمد لله رب العالمين)، وكان الرسول الذى يرسله الوهابيون إلى رؤساء القبائل، يحمل القرآن فى يد والسيف فى الأخرى، فإما الاستسلام وإما الردى. وكانت الحادثة الثانية فى غزو الطائف من إخوان الوهابية، فى عهد الدولة السعودية الثالثة 1924 والمعروفة تاريخيا بمجزرة الطائف، والتى أسرف فيها «إخوان الوهابية» فى قتل الأطفال والنساء والعجائز أمام أهليهم وذويهم، وذلك بعد هروب جنود الشريف حسين أمير الحجاز واستسلام المدينة، ولم يكن لهم مبرر لهذه المجزرة التي راح ضحيتها المئات بعد استسلام المدينة، إلا بث الرعب والخوف فى نفوس جنود الشريف حسين فى مكة والمدينة وجدة، فاستسلمت مكة دون طلقة رصاصة واحدة خوفا من مصير أبناء الطائف، والمدينة بعد حصارها تسعة أشهر، وجدة بشهر واحد، وللحقيقة فقد ارتكب إخوان الوهابية هذه المجازر دون رضا عبدالعزيز نفسه، لكن نفوذهم كان قد تمكن وأصبح قوة خرجت عن سلطان الحاكم، لم يتخلص منها سوى بحربهم فى موقعة السبلة، وكان كمن ربى أسدا ولم يتخلص منه إلا بقتله، لكن الأسد لم يُقتل، وتوارى قليلا يخرج على سلطان الحاكم حين يريد، وكان سندهم كل ما كان يتناقله الناس على ما ارتكب فى حروب الردة، والغزو الأموى والعباسى، فكان جندا يسبقهم بأميال إلى أرض المعركة، ينتصر لهم قبل اللقاء.

ثانيا: «إباحة القتل على العموم» لكل من خالفهم الرأي والمنهج من المسلمين من كافة الفرق والمذاهب (نحن جماعة الحق ومن عدانا «غيرنا» ليس مسلما)، وقد استن نافع بن الأزرق إمام «الأزارقة» وهم خوارج الخوارج «سنة الاستعراض، وهي استعراض الخصوم وقتلهم دون تفرقة، كبيرهم وصغيرهم، نساؤهم ورجالهم، ولقد تأثر محمد بن عبدالوهاب بفكر نافع بن الأزرق، كما تأثر بابن تيمية وابن قيم الجوزية، وكان الوهابيون لا يفرقون فى قتل المحارب وأولاده، وورثت داعش هذا الإرث، وترثه كل الفصائل على شاكلتها، وهذا ابن باز الوهابي يقول (أهل الزيغ والضلال والبدع يسيرون على نهج المعتزلة والشيعة أو الصوفية أو الأشاعرة أو الأحناف أو الضاهرية وغيرهم من المشركين الضالين)، وقالوا عن الشيعة (إنهم شاهدون على أنفسهم بالكفر) ولا يفلت من هؤلاء أهل السنة والجماعة (فهم وحدهم أهل السنة والجماعة وغيرهم مشركون جهمية ومعطلة وقبوريون)، وكذلك كافة المنتسبين للدول الإسلامية من رجال الجيش والشرطة والقضاء والإعلام والفنانين والمثقفين وأصحاب الفكر والرأي والموظفين ونساء وأطفال أبناء رجال الجيش والشرطة، ويجب قتل كل هؤلاء فلا عهد لهم ولا ذمة. أما كيف توسعت دائرة الكفر، فهذا له شأن لابد من معرفته، الخوارج هم الذين وضعوا لبنتها، وشيخ الإسلام ابن تيمية، ووسعها عليهم محمد بن عبدالوهاب حين أفتى واستباح دماء المشركين من المسلمين الذين يؤمنون بزيارة القبور والتشفع بالأنبياء والأولياء الصالحين، واعتبره شركا بالله عظيما، أعظم عند الله من المشركين الذين حاربهم الرسول، ثم جاء أبو الأعلى المودودى فوسعها عليه وأفتى بتكفير الحكام المسلمين، وحكم بجاهلية البلاد التى لا تحكم بما أنزل الله، حتى جاء سيد قطب فوسعها اكثر وأفتى بتكفير الحكام والمجتمع المسلم كله، وتوسعت التيارات الجهادية الحديثة وكفرت كل المسلمين غيرهم، بل وكفرت الفصائل الجهادية بعضها بعضا، النبتة البسيطة التى وضعها ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية وقبلهما «نافع بن الأزرق»، والذي تأثر بهما إمام الوهابية، كبرت ونمت وترعرعت حتى وصلت إلى تكفير كل المسلمين، وبعد أن كان الكافر هو من على غير ملة الإسلام، أصبح الكافر هو من لا ينتهج مناهجهم أو يؤمن بأفكارهم.. ونوجز الأمر فى الآتي: كل من يخالفهم الرأي من المسلمين كافر ومشرك، وأموال مخالفيهم وأعراضهم حلال لهم، ووجبت محاربتهم وسرقة أموالهم وسبي نسائهم وأطفالهم، «كلهم متفقون على هذا».

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأحد 29 أكتوبر 2017 - 10:32 بتوقيت مكة