قال الراوندي : روى أن أعرابيا أتى أمير المؤمنين وهو في المسجد فقال : مظلوم قال : ادن مني ، فدنا حتى وضع يديه على ركبتيه ، قال : ما ظلامتك ؟ فشكا ظلامته ، فقال : يا أعرابي أنا أعظم ظلامة منك ، ظلمني المدر والوبر ولم يبق بيت من العرب إلا وقد دخلت مظلمتي عليهم ، وما زلت مظلوما حتى قعدت مقعدي هذا ، إن كان عقيل بن أبي طالب يومه ليرمد فما يدعهم يذرونه حتى يأتوني فاذر وما بعيني رمد .
ثم كتب له بظلامته ورحل ، فهاج الناس وقالوا : قد طعن على الرجلين ، فدخل عليه الحسن فقال : قد علمت ما شرب قلوب الناس من حب هذين ، فخرج فقال : الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس ، فصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه فقال : أيها الناس إن الحرب خدعة ، فإذا سمعتموني أقول : " قال رسول الله " فوالله لئن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب على رسول الله كذبة ، وإذا حدثتكم أن الحرب خدعة ؛ ثم ذكر غير ذلك ، فقام رجل يساوي برأسه رمانة المنبر فقال : أنا أبرء من الاثنين والثلاثة ، فالتفت إليه أمير المؤمنين فقال : بقرت العلم في غير إبانه ، لتبقرن كما بقرته ، فلما قدم ابن سمية أخذه فشق بطنه وحشا فوقه حجارة وصلبه .