خاص الكوثر - الوجه الآخر
قال الدكتور هاني: كان هناك تجارب ربما أدت إلى مزيد من الانغلاق. بل في أصل التأسيس، كان هناك نوع من الالتفاف على فكرة الجامعة، كما تفضل سماحة الشيخ. فكرة الجامعة هذه كانت فكرة خلاقة جدًا، ونحن نعلم أن السيد جمال الدين الأفغاني كان أكثر تأثيرًا وأكثر جامعية وأكثر خبرة، فهو بالفعل خبير من ناحية العلم، وهو عالم دين جيد، وأيضًا عالم في بيئات كثيرة في الهند وإيران وتركيا، فهو جامع لهذه التجارب.
وتابع: فكانت فكرة الجامعة تهدف إلى بناء أو استئناف مشروع حضاري لهذه الأمة. ووقعت سقوط الخلافة، وجاء الإخوان في هذا السياق، سياق أنهم يستعيدون فكرة الخلافة التي كانت مسألة أساسية. لم يفكروا حتى كيف يجب أن نعيد فكرة الخلافة. لقد رأينا أنها حتى عندما صارت بمفهوم الجماعة، كان هناك منعطف مهم جدًا.
وأضاف هاني: في أيام أبو الأعلا المودودي، حينما انفصلت باكستان عن الهند لأسباب بناء على التميز الديني، فكانت جمهورية إسلامية. هنا تحدث المودودي كثيرًا عن الحاكمية، ولكن سوف يقتبس منها سيد قطب مفهوم الحاكمية وسوف يتجاوز بها حتى أدخل مفهومًا أكثر حدّة.
إقرأ أيضاً:
وقال المختص في قضايا الفكر الإسلامي العربي: كان هناك سياقات لم تؤخذ بعين الاعتبار، بحيث عندما نقول الحاكمية والجاهلية وأشياء أخرى في المجتمع، ما هو المسلم؟ كانت مشكلة كبيرة. لكن بالنسبة لي، الموضوع الذي طرح على أساس أنه يتحدث عن حق الجماعة المسلمة في أن تكون لها دولة مستقلة بناء على هذا المفهوم الحقيقي.
وأردف قائلا: أيضا كان هناك مشكل كبير، ومن البعض قد يسميها ردة في مفهوم من الجامعة إلى الجماعة. فتغيرت طبيعة الاهتمامات، ولكن أيضًا مع هذا الصدام الذي صار فيما بعد، زادت الحركة الإسلامية من الطاقة والانغلاق. ففكرة الجماعة لم تنفتح، بل ازدادت انغلاقًا، حتى أصبح مفهوم الأمة مفهومًا قاصرًا على مفهوم الجماعة.
وصرّح: وهذا يُدرك أنه من الأخطاء التي للأسف ممكن أن تقع فيها كل حركة، سواء إسلامية أو غير إسلامية، حينما تنطلق من مفهوم الجماعة. الجماعة ستنتهي إلى مفهوم العائلة مثل المافيا، يعني عائلة ترى العالم من خلالها، وتُرافق مصلحتها إلى آخره. فهذا مسألة موضوعية، أنه حينما يفكر تفكيرًا جماعاتيًا، فإننا لا يمكننا أن نفكر تفكيرًا جامعيًا، بمعنى يحاول أن يتسع لكل مقومات ومكونات وحساسيات الأمة باعتبارها أمة واسعة جغرافيًا، متعددة ثقافيًا وقوميًا وعقائديًا وغير ذلك.
وفي ختام حديثه أشار الى ان هناك فشل في الحقيقة هذا المشروع، وبدأ التفكير شيئًا فشيئًا يختصر المسافة ليصبح الهدف الأسمى هو السلطة. نعم، صارت المشكلة عندما تدخل في دهاليز السلطة، تفقد الكثير من تلك المكتسبات التي بدأت بها الحركة كحركة دعوية، تربوية، تهتم بالتنشئة. تحاول أن تعيد، رغم أنها تغاضت عن الأسئلة الكبرى لحركة النهضة التي ظهرت في القرن التاسع عشر في مصر والشام، وكان من رموزها سيد جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وغيرهما. هؤلاء كانوا يطرحون طروحات حضارية، طروحات نهضوية.